وفية لطموحاتها الرامية إلى توفير خدمة إعلامية من مستوى عال من الجودة والمهنية، ما فتئت وكالة المغرب العربي للأنباء، التي تحتفل في 18 نونبر الجاري بالذكرى الثامنة والخمسين لتأسيسها، تعزز تموقعها كمصدر لا محيد عنه للأخبار، وتكرس نموذجا لامعا لمؤسسة إعلامية ملتمزمة ومسؤولة، تمضي بثبات نحو تعزيز إشعاعها الدولي وريادتها الإقليمية والقارية.
الوكالة التي تعمل على تعزيز موقعها كمصدر موثوق للمعلومة، أطلقت في إطار مخططها الاستراتيجي للسنوات الخمس المقبلة (2017-2021)، مجموعة من المشاريع بهدف تحسين خدماتها ومنتجاتها في بيئة إعلامية أكثر تنافسية، وتعزيز ثقافة المقاولة. وترتكز هذه الرؤية على تقوية المهن الجديدة للوكالة، التي تساهم في تنويع منتجاتها والرفع من رقم معاملاتها، وكذا تطوير الأنشطة السمعية البصرية من خلال الرفع من الكفاءات واقتناء المعدات، وذلك من أجل رفع التحدي الرقمي عن طريق تمكين الوكالة من وسائل جديدة لنقل وترويج المعلومة.
ومن أهداف هذه الرؤية أيضا تعزيز المكتسبات التحريرية وإطلاق سياسة للتوظيف مقرونة بأهداف استراتيجية، فضلا عن تطوير تصورات مهنية، لا سيما تلك المتعلقة بالمهن الجديدة، إضافة إلى نشر شبكتها عن طريق الأقطاب الدولية والجهوية، لمواكبة ورش الجهوية المتقدمة الذي انخرطت فيه المملكة. ومن بين المحاور الأخرى لهذه الرؤية، الجانب المتعلق بتطوير سياسة جريئة في مجال الموارد البشرية تنبني على تثمين الرأسمال البشري والمناصفة وتكافؤ الفرص، مع الارتكاز على سياسة للتكوين تعتمد على شقين استراتيجيين، هما التكوين عن بعد بواسطة تسخير التكنولوجيات الحديثة، والتكوين عن طريق الحضور.
وتتوخى الوكالة من خلال رؤيتها هاته، إلى مواصلة الدفاع عن مبدأ السيادة الوطنية، وتعزيز النموذج المغربي في ما يتعلق بالإعلام، وذلك بالتصدي لاكتساح الأقمار الصناعية، ومواجهة الآثار الناتجة عن تحرير المجال السمعي البصري، وهو ما سيمكنها من ربح رهان تنويع منتجاتها وأن تعكس بالتالي الحيوية التي تطبع الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وباعتبارها وكالة رائدة داخل المشهد الإعلامي الوطني، حيث تقوم بدور محوري في إشعاع صورة المملكة على الصعيد الدولي، تولي الوكالة أيضا اهتماما خاصا في إطار رؤيتها الاستراتيجية، لجضورها على الصعيد الدولي عبر إطلاق العديد من الأقطاب، كان آخرها قطبا شرق آسيا وآسيا الوسطى، إلى جانب تعزيز الأقطاب التي تم إطلاقها في السابق وكذا مواردها البشرية والمالية.
ولمواكبة ورش الجهوية المتقدمة الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أطلقت الوكالة 11 قطبا جهويا لمواكبة التطور الذي تشهده المملكة وإغناء نشاطها الإعلامي على مستوى مختلف جهات المملكة. ولهذا الغرض، وبغية تعزيز حضورها بشكل أكبر في القارة الإفريقية، لا سيما بعد عودة المغرب إلى كنف أسرته المؤسسية، أطلقت وكالة المغرب العربي للأنباء ثلاثة أقطاب بالقارة (قطب شرق إفريقيا، وغرب إفريقيا وإفريقيا الجنوبية). وبهدف تحديث عمل الوكالة، صادق مجلس النواب بالأغلبية في يوليوز الماضي، على مشروع قانون يتعلق بتنظيم وكالة المغرب العربي للأنباء، من منطلق أن هذا المشروع يمثل آلية مبتكرة وجديدة تتماشى مع الطموحات والرؤية الاستراتيجية للدولة المتعلقة بوكالة الأنباء الوطنية.
وسيمكن هذا القانون من تحديث عمل الوكالة واعتماد طرق عصرية ومتطورة في التدبير، أساسها تنويع وعصرنة المنتوج الذي يرتكز أساسا على المنتجات متعددة الوسائط ذات قيمة مضافة عالية الجودة، مع تسويقه بطرق ووسائل مواكبة للتكنولوجيات المتقدمة. ويمثل هذا القانون أداة هامة من شأنها تمكين الوكالة من تأكيد وترسيخ السيادة الإعلامية الوطنية ودعم جهود التنمية في البلاد. كما يوفر هذا المشروع للوكالة، إطارا قانونيا حديثا يتماشى مع التحولات التي يشهدها الحقل الإعلامي على المستوى الدولي، وهو بمثابة فرصة سانحة لها لامتلاك أفضل الممارسات العالمية في مجال الإنتاج والتقييم والعصرنة والتنظيم.
كما سيمكن هذا النص الوكالة من المضي بعزم وثقة نحو امتلاك ثقافة رقمية متعددة الوسائط، ويتماشى مع معايير الجودة اللازمة لمواكبة التحولات السريعة التي يعرفها المشهد السمعي البصري، كما يعمد إلى النهوض بحكامة الوكالة بالتنصيص على توزيع الاختصاصات لآليات تدبير المؤسسة بشكل يرتقي بحكامتها وفق مقاربة تشاركية مندمجة. وبما أن منتوج الوكالة لا يقتصر على القصاصة فقط، فقد عملت خلال السنوات الأخيرة على توفير وتطوير خدمات غنية ومتنوعة تشمل الفيديو والصورة والصوت والرسوم البيانية وغيرها، بخمس لغات هي العربية والأمازيغية والفرنسية والأنجليزية والإسبانية، في مصالح تعمل على مدار الساعة، بهدف الاستجابة لانتظارات زبنائها.
وتجسد خدمات “ماب تي في” (أزيد من 20 كبسولة في اليوم)، و”ماب أوديو” (أزيد من 40 كبسولة في اليوم)، و”خدمة الرسائل القصيرة”، و”خدمة الرسوم البيانية”، و”ماب سكرين”، و”مصلحة الصورة” (أزيد من 1500 صورة في اليوم)، إلى جانب “ماب إيكولوجي”، عزم الوكالة ورغبتها في مواءمة أنشطتها وخدماتها المتجددة مع الحاجيات والنمو المستمر للسوق الإعلامية وكافة مكونات المجتمع المغربي. وفي إطار حرصها الدائم على أن تظل قريبة من زبنائها ومصغية لانتظاراتهم، أغنت الوكالة منتوجاتها بخدمتين جديدتين هما “الرصد الاستراتيجي” (ماب أنتيليجانس) المتخصصة في جمع المعلومات وإرسالها على شكل نشرات يومية للزبناء تحت الطلب، والجريدة اليومية الإلكترونية “ماروك لو جور” التي بلغت عددها ال272.
ومن أجل مواكبة تطور التكنولوجيات الحديثة، تحرص الوكالة على تعزيز حضورها بمواقغ التواصل الاجتماعي، من خلال إطلاق صفحات جديدة على مواقع “تويتر” و”فيسبوك” وإنشاء حساب على موقع “انستاغرام”، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية الإلكترونية للوكالة الرامية إلى النهوض بالمنتجات متعددة الوسائط، والانفتاح بشكل أكبر على الخدمات الرقمية، والاستفادة قدر المستطاع من الفرص التي تتيحها من أجل رفع تحدي المنافسة في المجال.
وبهدف تعزيز تعاونها مع باقي الوكالات الإقليمية والقارية، فقد كانت الوكالة فاعلا رئيسيا في إحداث الفيدرالية الأطلنتية لوكالات الأنباء الإفريقية (فابا)، كتجسيد للتعاون جنوب -جنوب. وبعد التوقيع في يوليوز الماضي على اتفاقيات للتعاون مع العديد من وكالات الأنباء عبر العالم، تولت الوكالة رئاسة مجمع وكالات أنباء المتوسط (أمان) للفترة ما بين 2017-2018.
وعلاوة على الجانب التحريري والتنظيمي وذاك المتعلق بالرقمنة والتحديث، تعتبر الوكالة العنصر البشري رأسمالا حقيقيا ورافعة لتفعيل الاستراتيجية الجديدة، إلى جانب “مؤسسة وكالة المغرب العربي للأنباء، الذراع الاجتماعي للوكالة، والذي أعطى إحداثها سنة 2013 زخما جديدا لعملها لفائدة رأسمالها البشري وفئة المتقاعدين وأسرهم، بغرض المساهمة في تعزيز الرفاه الاجتماعي والثقافي والرياضي للعاملين بها.
وتندرج الدينامية التي أطلقتها الوكالة من خلال مشاريعها الطموحة، في إطار مخططها الاستراتيجي، والتزام مكوناتها الراسخ لكسب مختلف الرهانات التي تنذر بمستقبل مشرق لوكالة تتوق إلى التميز.
و م ع