بعد سنوات من التفكير، انخرط القطاع المالي الوطني في مرحلة جديدة سنة 2017 ، والتي تجسدت في الانطلاقة الفعلية لخدمات الأبناك التشاركية ، التي تعد ورشا مهما سيمكن المغرب من توسيع مجال العروض المالية . وحسب المتتبعين والمهتمين بخدمات القطاع المالي، فإن إدخال المالية التشاركية في النظام البنكي المغربي، بعد مسار طويل من النقاش والمأسسة، يعني وجود إرادة لتحويل المغرب إلى منصة مالية إقليمية وقارية .
وفي سياق متصل كانت اللجنة الشرعية للمالية التشاركية بالمجلس العلمي الأعلى، قد صادقت على مشروع المنشور الصادر عن والي بنك المغرب، والمتعلق بالأبناك التشاركية بالمغرب. وقالت اللجنة في قرارها الصادر بالجريدة الرسمية ضمن عدد 6548 إن مشروع المنشور المعروض عليها وفق صيغته النهائية مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وليس فيه ما يخالف هذه الأحكام، استنادا للأدلة الشرعية، والاجتهادات الفقهية المعتبرة.
ويذكر أن والي بنك المغرب السيد عبد اللطيف الجواهري، وجه رسالة للمجلس العلمي الأعلى بتاريخ 15 يونيو 2016، بشأن طلب عرض مشروع المنشور الصادر عنه، على أنظار اللجنة الشرعية للمالية التشاركية، قصد إبداء رأيها بشأن مدى مطابقة مقتضياته لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها. وتضمن منشور والي بنك المغرب الصادر في 10 دجنبر 2016 المواصفات التقنية الخاصة بمنتجات التمويل التشاركي وكيفيات تقديمها إلى العملاء، وشروط وكيفيات تلقي وتوظيف الودائع الاستثمارية من قبل البنوك التشاركية وغيرها من مؤسسات الائتمان، وأيضا شروط وكيفيات مزاولة البنوك للأنشطة والعمليات التي تزاولها.
وبناء عليه، شرع بنك المغرب سنة 2017 في منح التراخيص للمؤسسات المالية التشاركية، التي وضعت طلبات في هذا الشأن . وقد حصلت خمس مؤسسات مالية تشاركية على الضوء الأخضر لتسويق المالية التشاركية ، كما تم منح تراخيص أخرى لأبناك موجودة تقدم خدمات مالية عادية ، وذلك من أجل تمكينها من تسويق المنتوجات المالية التشاركية . يتعلق الأمر بكل من القرض العقاري والسياحي، والبنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا ، والبنك الشعبي ، والقرض الفلاحي ، والتجاري وفابنك .
وفي السياق ذاته جرى الترخيص لكل من البنك المغربي للتجارة والصناعة ، ومصرف المغرب ، والشركة العامة ، لكي تقدم لزبنائها خدمات ومنتجات مالية ذات طابع تشاركي . وإلى حدود الوقت الراهن ، فإن بعض هذه المؤسسات كانت في الموعد، حيث فتحت أبوابها لاستقبال الراغبين في الاستفادة من المالية التشاركية ، منها ” أمنية بنك ” التابع للقرض العقاري والسياحي، و” بنك الصفاء ” التابع للتجاري وفا بنك ، و ” بنك اليسر ” التابع للبنك الشعبي .
وبموجب الإطار التشريعي المتعلق بالمالية التشاركية ، فإن هاته المؤسسات يمكنها تسويق خمس منتجات تشمل المرابحة، والإيجارة ، والمشاركة ، والمضاربة ، وبيع السلم . أما بخصوص طرق التسويق وشروط إيداع الزبناء لملفاتهم ، فقد حددتها دورية نشرت بالجريدة الرسمية لشهر مارس 2017 . وتبقى الإشارة إلى أن النظام البنكي المغربي ، الذي يتسم بالقوة والمتانة بنظر ملاحظين وطنيين وأجانب ، خطى خطوة مهمة تتماشى مع طموحه الكبير على المستوى الدولي ، خاصة على صعيد القارة الإفريقية ، حيث يتواجد بقوة بهذه القارة منذ سنوات.
و م ع