التائبو النائب الأول للوكيل العام، الضرغام الذي لا ينام للسهر على خدمة المواطنين. “أو هذاك (الملف) ديال الانتحار؛ الانتحار راه غريب”، حاجظ العينين مخاطبا المنتدب القضائي المكلف لدى كتابة النيابة العامة، نور الدين التائبو النائب الأول للوكيل العام للملك باستئنافية الدار البيضاء، يستنطق الجنايات والأحداث والوقائع والجرائم وأركان الأخيرة، لعلها تجيب عن مكنونها وأسرارها وحقائقها المُرّة بحثا عن عُتاة المجرمين لتقديمهم للعدالة، وعن دقائق الأمور التي تكشف نور الحقيقة.
نحيف البنية، دقيق الملامح، مُشربٌ بحُمْرة أو هو إلى السُّمرة أقرب، لا بالطويل ولا بالقصير، وبنظرات حادة وصوت جَهْوري يرعب عتاة المجرمين، يصول ويجول التائبو في عرين النيابة العامة باستئنافية الدار البيضاء، تخاله في مكتبه حمَلا وديعا، لدماثة أخلاقه وخُلقه وتواصله الراقي، لكنه زمن الجد واستنطاق المشتبه فيهم والمتهمين، ضرغامٌ ينقض على كل خارق للقانون ولقيم الأمة المغربية.
ابن الدار البيضاء والفوج الـ24 للمعهد العالي للقضاء (1994)، بعدما حصل على الإجارة في الحقوق شعبة القانون الخاص، أحب منذ صباه القضاء فكان حلمه الأول، فمكنه الله مما أراد. إنه سي نور الدين التائبو، الضرغامُ الذي لا ينام، شق القدر طريقه الأول فكانت تجربته الأولى بمدينة قلعة السراغنة التي حصل فيها على زخم من حيث التكوين وزخم من المعلومات يقول التائبو؛ ثم إلى مدينة فاس التي اشتغل فيها نائبا أول لوكيل الملك، احتك من خلال تجربته بالعاصمة العلمية بمتمرسين في القضاء كان لهم دور في بصم شخصيته، ثم انتقل الى الدار البيضاء بناء على طلبه إلى المحكمة الزجرية التي اشتغل فيها نائبا أول لوكيل الملك، موجها شكره للأستاذ بناني وكيل الملك آنذاك: “اللي تنحيوه (بناني) من هاد المنبر ونتمناو ليه كذلك الازدهار وكذلك النجاح في المهام اللي هو فيها”.
“ومن بعد تم النقل ديالي الى مدينة آسفي ومارست هنالك في محكمة الاستئناف ديال آسفي كذلك نائب اول للوكيل العام، هنالك كذلك تنذكر السيد الوكيل العام السي الحنفي الله يرحمو من هاد المنبر لي تنتمناو ليه الرحمات، كان فقيه، يحب القضاء ويحب كيفما تنقولو المهنة ديالو” يكشف التائبو؛ وفي 2017 دخل الأخير إلى الدار البيضاء وحاليا بمحكمة الاستئناف تم تعيينه نائبا اول للسيد الوكيل العام للملك، مستطردا: “لي شرف كبير بهاد المنصب”.
طيب، ذو أخلاق عالية، بالكاد يرفع نحوك مُقلتيه، “في إطار مداخلتكم لا بد من طرح بعض الاشكالات التي تطرح على مستوى التطبيق العملي، لا شك ان القاضي حينما يقوم بمعالجة مجموعة من الملفات بستحضر في نفس الوقت مجموعة من المعطيات، لا ننسى بداية ان شعار الدولة الذي اخذته على عاتقها هو ان القضاء في خدمة المواطن، هذا موضوع اخر سنخصص له لقاءات أخرى أنا مستعد لاجراءها معكم. أما فيما يتعلق بموضوعنا العمل بالديمومة، فلا يخفى عليكم أن النيابة العامة عندها ارتباط عضوي ان صح التعبير، فلها اختصاصات ولائية واختصاصات قضائية.”
بسحنة القاضي الواقف، يكشف الضرغامُ الذي لا ينام، خدمة للمواطن المغربي وذودا عن قيم وحمى الأمة المغربية، أنه في بعض الاحيان لا ينام، مشددا: “مكنعسوش في بعض الخطرات فكما تلاحظون نأتي للعمل يومي السبت والأحد من الثامنة صباحا ولا نعرف متى ننهي عملنا لطبيعة الملفات وطبيعة الجرائم”. يحيلك قول التائبو على أن بالمغرب رجالا ونساء هي الشموع التي تحترق لتنير درب العدالة والأمن القضائي والنجاعة القضائية، بينما الإستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره.
ومن باب رد الأمور إلى نصابها، أكد التائبو دور رئاسة النيابة العامة التي تقوم بعملها عبر التوجيه، في الكثير من المعطيات خاصة فيما يتعلق بترشيد الاعتقال. مذكرا بالدوريات التي يصدرها السيد رئيس النيابة العامة؛ والتي تتخذها النيابة العامة باستئنافية الدار البيضاء كمنطلق وكأساس في إطار البت في وضعية الاشخاص المتابعين، مشيرا التائبو: “وبعد دراسة المساطر، أسبوعيا، يتم تعيين مجموعة تتكون من ثلاثة نواب للوكيل العام من ضمنهم المشرف لنقوم بدراسة المساطر دراسة متانية ودائما نحرص على ضرورة حضور الضحايا معنا”.
حينما ولجنا مكتب الضرغام الذي لا ينام لخدمة المواطنين، أيقنا أننا بحضرة رجل من رجالات المغرب لا يجلس على مكتبه، عشرات إن لم نقل مئات الملفات تحال عليه يوميا وأسبوعيا للنظر فيها والإشراف عليها، رأينا رأس التائبو منهمكا في مشاكل المجتمع المغربي وكأن اختصاصه كالطبيب المعالج لعضال الداء بالكي، وأي كي، فياله من علاج يجعل المواطن المغربي آمنا في سربه وعائلته من زوغان الحائدين عن جادة الصواب.
“نطلب من الضابطة القضائية إحضار الضحايا خلال التقديم” متسائلا: “لماذا؟ كي نُكون قناعاتنا بخصوص القرار الذي سنتخذه وبعد دراسة المساطر نتصل مباشرة بالسيد الوكيل العام للملك شخصيا، لنعرض عليه كل الملفات، ملفا بعد ملف لمناقشتها، ولا يخفى عليكم وأقولها بكل صراحة فالسيد الوكيل العام يدبر معنا مناقشة رائعة باسلوب حوار والأخذ والرد أثناء المناقشة القانونية، لدرجة أننا نقوم بالمداولة في اتخاذ القرار، لسبب بسيط هو اننا نحترم حرية الشخص، إذ لا يمككنا أن نقرر اعتقال أي شخص بطريقة عشوائية، وإذا كان هناك اختلاف نجتمع أكثر من نائب، وهي خصلة خلاها فينا الوكيل العام الذي نشكره من هذا المنبر على الدم الجديد الذي ضخه في هذه النيابة العامة” يردف السيد نور الدين التائبو الناب الأول للوكيل العام.
الجانب الآخر الذي تقوم به النيابة العامة في إطار الديمومة، (7/7 أيام و24/24 ساعة)، والاتصالات الهاتفية، “لا أخفيكم سراً أننا بعد الليلات متنعسوش مني تتكون شي جرائم خطيرة تكثر الاتصالات ما بين الضابطة القضائية وكيفما كتعرفو الدائرة القضائية، شي ليلات كتضطر تفيق مع الجوج ديال الصباح وتعاود تنعس؛ وتعاود تفيق مع الثلاثة وتعاود تنعس؛ وتعاود تفيق مع الربعة وتعاود تنعس؛ وتعاود تفيق مع الخمسة..”. يؤكد التائبو، هي لعمري أعز وأنبل مثال على التضحية التي يقوم بها هذا المغربي، خدمة للأمن القضائي لوطنه وللمواطنين المغاربة وخاصة البيضاويين.
“وفي الخامسة صباحا وفي الغالب ترتدي ملابسك بصفتك نائبا أول للوكيل العام استعدادا لتلبية مصالح المواطنين ثم بعد ذلك تأتي للمكتب لترتيب ملفات الجلسات ومراقبة حضور النواب وحضور الموظفين الى غير ذلك من الاجراءات كما نحرص على أن تأتينا الضابطة القضائية بالتقارير الاخبارية المتعلقة ببعض الوفيات المشكوك فيها والمرتبطة ببعض الجرائم الخطيرة حيث نحاول أن نمارس القرب مع الضابطة القضائية، حيث نجيب على اتصالاتهم الهاتفية كما نحثهم على أن يأتونا بتقارير اخبارية والتي بمقتضاها نُشعر رئيس النيابة العامة.” يشدد التائبو.
“لاحظتم كيف تمر الديمومة، نحاول انسنة الاستقبال، فالمشتبه فيه ولو انه ارتكب جريمة مخصناش نضغطو عليه اكثر، ربما عندو اسباب اخرى ولكن كنحضرو معاه الضحية، التي حينما تحس ان هناك تعاملا حتى مع المتهم نفسه ومعها؛ ترتاح الضحية، والمتهم للقرار الذي نتخذه في حقه وحينما يختلي بنفسه في السجن غادي يقول الاجراء نستاهلو”. يقول نور الدين التائبو.