مساحة اعلانية
اخــر الاخبــار

شبكةٌ ليست كباقي الشّبكات

مُزنٌ حبلى بالغيث تتمخّضُ لعل رحمة الله تُحيي الأرض بعد موتها، ورجال ونساء يتوافدون على المركز الثقافي عبد الحق القادري التابع لمؤسسة عبد الواحد القادري بمدينة الجديدة، صباح السبت 24 فبراير؛ يتوافدون الواحد تلو الآخر؛ زرافات وفرادى؛ ليس لهم من همّ سوى مقاربة موضوع شائك هو بيت القصيد: “التلقائية السياسات العمومية كرافعة للمشاركة المواطنة”؛ إنهم أعضاء شبكة الجمعيات الدكالية غير الحكومية بإقليمي سيدي بنور والجديدة.

التأم دكّالة وهم يمنون النفس لعل لقاءات ونداءات شبكتهم تجد لها آذانا صاغية ومن يلقي إليها السمع وهو شهيد، لعلها تتلمس من ينصت؛ من يستوعب؛ من يقارب؛ من يسدد؛ ومن يتواصل ليشارك، لعلنا نجد من يقطع دابر معيقات التنمية بهذه المنطقة ذات الكثافة السكانية الكثيرة ومؤشرات التنمية الضعيفة، لنتساءل في المحصلة، أين يكمنُ الخلل؟

بعدما دوّن القوم أسماءهم وصفاتهم، كرؤساء للجمعيات داخل النسيج الجمعوي لسيدي بنور والجديدة، وفاعلين ترابيين وقطاعيين وإعلاميين، ولجوا القاعة التي ستحتضن ذكر الشجون والكشف عن المعيقات وسرد التوصيات؛ شبكة طامحة بما تحمله الكلمة من معنى إلى مجتمع يسوده النماء والتنمية والتواصل المستدام والمشاركة، داخل المجتمع الدكالي بكل تلويناته ومؤسساته.

شرعت طائرة الشبكة في سبر أغوار التلقائية السياسات العمومية كرافعة للمشاركة المواطنة عبر منتداها الجهوي الإيجابي، وفي مخر عباب الإشكاليات، لعلها تجد حلا أو وصفة تفتح شُرفات بحائط النفق المسدود؛ بمداخلات قيّمة وبكلمات افتتاحية للشبكة ولوكالة التنمية البلجيكية، وتقديم عرض تعريفي ببرنامج الشبكة (نتواصل لنشارك).

المنتدى الجهوي، يدخل في إطار مشروع شبكة الجمعيات الدكالية غير الحكومية “نتواصل لنشارك” الذي تنفذه بشراكة مع الوكالة البلجيكية للتنمية، من خلال مشروع تضافر Tadafor المكون الثاني 2 لبرنامج دعم المشاركة المواطنة.

توالت الجلسات، في الأولى ظهر أهرام وهامات، كل في قطاعه يُفكك الموضوع ويقارب ويسدد.

يُسير ويدبر الجلسة رئيس الشبكة محمد بنلعيدي، رجل يطرق باب عقده السابع؛ جادّ القسمات؛ جادّ الشكيمة؛ طويل القامة؛ مُحب لوطنه؛ ينظمُ الكلمات الكلمة تلو الكلمة؛ يرتقها كأنها قد انقادت إلى إرادته رغم أنفها؛ لا يكل ولا يمل بجديته المعهودة؛ شغله الشاغل رتق ثوب دكالة الممزق إن صح التعبير، ولو اضطره الأمر التضحية بصحته ووقته ووقت أسرته الصغيرة، فإذا كانت همم الرجال عالية تعبت لإجلها الأجساد.

فانبرى للمساهمة في المائدة العلمية الدسمة، مشاركا في فعالياتها القيمة، محمد فتيحي خبير في السياسات العمومية والمجتمع المدني رئيس مكتب للدراسات، بمداخلة يقارب من خلالها موضوع: “التقائية السياسات العمومية وأدوار المجتمع المدني”؛

أما الإطار المغربي الخلوق المحنك، جمال الموساوي رئيس شعبة الإعلام والمواطنين والمجتمع المدني بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛ فأخذ على عاتقه تنوير الحضور ومعه الرأي العام الوطني بموضوع ذي راهنية ومن الأهمية بمكان: “قراءة في التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، برسم 2023، وأثره على التقائية السياسات العمومية”؛

من جهته، شدّد بوشعيب الزيتوني، خبير في السياسات المائية وبناء السدود؛ على تفكيك مدى التقائية السياسات العمومية وأثرها على تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية.

كل واحد باسمه وصفته، أخذ على عاتقه تشريح المفاهيم والإشكاليات والمعضلات التي ستسعف المغرب للزيادة في سرعة التنمية أو إماطة الأذى عن طريق المشروع التنموي المغربي أو الدكالي على الأقل.

تفاعل الحضور بجدية كما جميع اللقاءات والملتقيات السابقة للشبكة، فأغنوا اللقاء، الكل من وجهة نظره يرى الصواب في قوله، بل من الحضور من فكّك الإشكالات اليومية التي تعاني منها الجمعية والحزب السياسي والجماعة الترابية؛ أو اعتبرها  أحد إفرازاتها أو أحد معيقاتها على مستوى التدبير اليومي لانتظارات وشجون المواطن المغربي.

نتواصل لنشارك، برنامج حسن النية والطوية، جاء لتعزيز الديمقراطية التشاركية والتواصل المؤسساتي بين مختلف الفاعلين الترابيين والهيئات المنتخبة والمؤسسات العمومية وفعاليات المجتمع المدني في أفق تقوية التنمية الديمقراطية بإقليمي سيدي بنور والجديدة؛ وإلى دعم تفعيل المشاركة المواطنة التي أصبحت مرتكزا أساسيا للدولة المغربية الحديثة، إلى جانب الديمقراطية التمثيلية. قصد ضمان مشاركة فاعلة للمواطنين والمواطنات وفعاليات المجتمع المدني في صناعة القرار الديمقراطي والتنموي المحلي.

بعد توزيع تذكار البرنامج على المؤسسات المساهمة في انجاح المشروع، تم الشروع في مقاربة الموضوع في الجلسة الثانية ومن زاوية جميلة مختلفة تختلف مقارباتها ترابيا وأكاديميا، بالنظر إلى قيمة الحضور.

ادريس المرابط الخبير في السياسات الترابية ورئيس قسم الجماعات الترابية سابقا بعمالة الجديدة قارب من جهته موضوع: السياسات العمومية الترابية ورهان تحقيق الالتقائية (الجماعات الترابية نموذجا)؛

من جانبه، قام الدكتور سعيد شكاك أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجديدة، بتفكيك موضوع: “اللاتمركز الإداري ومساهمته في تكريس الالتقائية”.

لأول مرة وكسابقة كما اللقاء الأول للبرنامج، وقفنا على جلوس الفاعل الترابي الذي يدبر شأن الجماعة الترابية القروية حاليا، جنبا إلى جنب مع الفاعل الجمعوي، إن لم نقل مثوله أمام المجتمع المدني للسؤال إن صح التعبير، أو لخضخضة المياه الراكدة والمفاهيم وللتواصل والمشاركة والبحث عن حلول مستدامة، لعل الجميع يجد بيئة ومحيطا ومغربا ناميا لا مكان فيه للإحباط وللانتهازيين.

مصطفى الكاموني رئيس الجماعة الترابية كريديد؛ البرلماني عبد الكريم أمين رئيس الجماعة الترابية أولاد عمران. تُرفع القبعة لمثل هؤلاء الفاعلين الترابيين المشاركين منذ افتتاح البرنامج إلى محطة اختتامه. سُنّة جميلة، تواصلوا ليشاركوا عبرها في تفكيك التقائية السياسات العمومية.

من أجل ذلك، قالت الشبكة: ” إن موضوع التقائية السياسات العمومية له راهنيته وأهميته في تجويد مسلسل الإصلاحات التي يقودها المغرب للنهوض بأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بالنظر إلى حداثة هذا الموضوع والذي سيحاول المنتدى الجهوي مقاربته من زوايا مختلفة من أجل ملامسة الإكراهات والعوائق التي حالت ولازالت تحول دون تحقيق هدف التنمية المندمجة وتحقيق البعد الالتقائي والاندماجي للسياسات العمومية في بعدها الترابي، رغم كل التقارير التي تشير إلى أن التنمية في المغرب تشوبها بعض الشوائب، الشيء الذي جعل مؤشر التنمية بالمغرب يحتل دائما مراتب دنيا مقارنة مع باقي دول العالم.”

متابعة: “إن واقع السياسات العمومية التي أصبحت اليوم تتجه وبالملموس إلى كل ما هو محلي وله علاقة بالمسألة الجهوية على اعتبارها الفضاء الذي يسمح بتبلورها خدمة لتحقيق مسار تنموي قائم على القطيعة مع المخططات السابقة و التوجه نحو بناء نموذج تنموي فعال مبني على التقائية التدخلات والسياسات القطاعية والبرامج والمخططات ضمن وحدة ترابية مبنية على الاندماج و التكامل حيث يهدف موضوع المناقشة الذي يحظى براهنيه وأهمية في توجيه العمليات والأدوار والتدخلات التي يقوم بها مجموعة من الفاعلين محليا ومركزيا، على شاكلة أفعال تدبيرية سياسية أو تنظيمية إدارية أو بشرية تقنية أو مالية، بغية تحقيق أفعال الالتقائية لأدوارها في مجال التنمية الترابية.”

بالله عليكم، من يختلف مع القول أعلاه، فلماذا لم تشارك الـ57 جماعة ترابية بالجديدة وسيدي بنور، ولماذا لم يتواصل رؤساؤها الباقون كما الشجعان السالف ذكرهم، ليشاركوا في نماء دكالة عموما وتنمية المواطن المغربي ومناطقهم ووطنهم.

اختتمت الشبكة منتداها الجهوي بتوزيع تذكار البرنامج على المؤسسات المساهمة في إنجاح المشروع، فالتقط القوم صورا تذكارية تؤرخ للحدث وحُقَّ لهم أن يعتزوا باللحظة التاريخية التي تؤرخ لقوم وقودهم الجدية والمعقول لتنزيل الإصلاح، ليس بالشعارات كما عديد الفاعلين، وإنما بطرق الأبواب الموصدة لعلها تفتح بالخير والتنمية للمواطن المغربي. وتقریب مختلف الفاعلين في المجتمع المدني من أهمية الإلقائية في مسلسل بلورة السياسات العمومية في المجال الترابي للوصول الى تدبير فعال يتأسس على التناسق والانسجام والتواصل والتناغم والتوافق بين مختلف الفاعلين الترابيين، بغية تحقيق التنمية الترابية في افق انجاح مقاربة شمولية لإصلاح الإدارة اللامركزية، بهدف الوصول إلى سياسات عمومية ذات بعد ترابي ومتناسقة القطاعات تكون ميسرة لمشاركة مواطنة معتمدة على تفعيل وتنزيل آليات الديمقراطية التشاركية.

للتذكير، يهدف مشروع تضافر (Tadafor)، المكون الثاني لبرنامج “دعم المشاركة المواطنة “، الذي تنفذه وكالة التنمية البلجيكية (Enabel)، بتمويل من الإتحاد الأوروبي وشراكة مع المديرية العامة للجماعات الترابية، والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، ( يهدف) الى دعم 60 جماعة ترابية بخمس جهات على صعيد المملكة، وذلك من أجل تعزيز الحكامة المحلية والديمقراطية التشاركية ومشاركة المواطنين، وفق أحكام دستور المملكة والقوانين الأساسية المتعلقة بالجماعات الترابية. تضافر جزء من برنامج أوسع نطاقا لفاعلين متعددين لدعم المشاركة المواطنة في المغرب، وهو جزء من الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

شارك المقال شارك غرد إرسال