المحكمة الزجرية بالدار البيضاء: نموذج للريادة القضائية وصرح للشفافية والحكامة؛ عنوان لحصيلة غير مسبوقة، تتجدد كل سنة، لتؤكد بالواضح والملموس ريادة ذات المحكمة على أكثر من صعيد. وقد استعرضت المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، خلال الجمعية العمومية الأخيرة، حصيلة متميزة للأداء القضائي لسنة 2024، مؤكدة مرة أخرى مكانتها الريادية على المستوى الوطني تحت قيادة رئيس المحكمة الأستاذ حسن جابر ووكيل الملك لديها، حيث تمكنت من تجاوز التحديات وتحقيق نسب مردودية غير مسبوقة، معززة بتقارير وإحصائيات تدعم إنجازاتها للسنة الثانية على التوالي.
اعتبر الأستاذ حسن جابر رئيس المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، أن ” الجمعية العمومية هي لحظة تأمل وافتحاص لأداء المحكمة”؛ انطلاقا من هذا المبدأ استعرض السيد رئيس المحكمة بالأرقام والاحصائيات إنجازات سنة 2024 من حيث عدد القضايا التي تم تسجيلها بالمحكمة والتي تم البت فيها بأحكام قطعية، مذكرا في هذا الصدد بأن المحكمة سبق لها أن احتلت المرتبة الأولى سنة 2023؛ وقد تم تأكيد ذلك في التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ المرفوع الى جلالة الملك؛ المنشور بالجريدة الرسمية.
وشدد جابر على أنه رغم الصعوبات التي عرفتها مختلف المحاكم على اثر الإضرابات التي خاضها كتاب الضبط والمحامون، فان المحكمة الزجرية بفضل تظافر جهود السادة قضاة الحكم والنيابة العامة وكتابة ضبط الرئاسة والنيابة العامة، تمكنت من تأكيد مكانتها الريادية على المستوى الوطني، وتأكيد أحقيتها بأن تكون وتبقى ضمن المحاكم المصنفة، وتحتل للسنة الثانية على التوالي المرتبة الأولى على الصعيد الوطني.
وفي نفس السياق، قدم السيد الرئيس قراءة نقدية وشفافة لأداء المحكمة على كل المستويات، سواء تعلق الأمر بالنجاعة القضائية وتجويد الأحكام، أو في توحيد العمل القضائي للمحكمة والرقي به الى مرتبة الاجتهاد في تناول مختلف الإشكالات القانونية المطروحة على القضاء الزجري. ناهيك عن تقديم إجابات قانونية مقنعة لها استنادا الى فلسفة القانون وروح العدالة، أو ما يتعلق بالجلسات التخصصية التي يتعين على المحكمة النهوض بها وتحقيق النجاعة والريادة فيها من خلال جودة الأحكام التي يمكن تعميمها والتعريف بها في الندوات التي تستدعى لها المحكمة، وفي التقارير الدورية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أو ما تعلق بالتكوين المستمر للسادة القضاة، أو فيما يتعلق بمساطر التبليغ والتنفيذ.
أشار السيد الرئيس، الى أنه رغم الخصاص التي سبق للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن سجله على مستوى القضاة وحدده في سبعة قضاة، وعلى مستوى كتابة الضبط، فان الأداء العام الهام والنوعي للهيئة القضائية وكتابة الضبط استطاع أن يتجاوز الخصاص وأن يغطي عليه.
كما أوضح السيد الرئيس على أن المحكمة لم تتمكن خلال السنة الحالية من تنظيم أكثر من ندوتين في اطار التكوين المستمر، وهذا لا يرقى الى المستوى المطلوب بالنظر إلى مكانة المحكمة باعتبارها محكمة مصنفة. وأنه تقرر أن تُعقد ندوات للتكوين المستمر خلال العام الجديد مرة كل شهرين، داعيا السادة القضاة الى مواكبة هذه اللقاءات العلمية والمساهمة في اغنائها واثراء النقاشات داخلها بما يعود بالنفع على الجميع قضاة محكمة وجهازا قضائيا ومرتفقين.
السيد وكيل الملك محمد زواكي من جهته، سار على نفس النهج من الشفافية والمكاشفة في استعراض منجزات النيابة العامة خلال سنة 2024، بالوقوف على بعض الاختلالات التنظيمية على مستوى كتابة النيابة العامة، وثقل المخلف من الشكايات والمحاضر عن السنوات السابقة، التي تم تقليص عددها بشكل لافت بفضل جهود وتضحيات موظفي كتابة الضبط والسادة نواب وكيل الملك وقضاة الحكم، مشيرا الى التحدي اليومي الذي تواجهه النيابة العامة على مستوى هذه المحكمة، المتمثل في تقديم ما يزيد عن 500 شخص يوميا أمامها، مع ما يستدعيه ذلك من دراسة للمحاضر والاستماع الى أطراف الخصومة من طرف خمسة نواب، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها بتشاور مع السيد وكيل الملك.
كما أشار السيد الوكيل إلى أن المحكمة الزجرية حافظت على مكانتها الريادية على كل المستويات، وخاصة فيما يتعلق بتخفيض نسب الاعتقال الاحتياطي، رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجهها على صعيد قلة الموارد البشرية وكثافة الصبيب اليومي للقضايا والمحاضر وتشعبها.
بعد توضيحات السيد وكيل الملك، جدد السيد رئيس المحكمة التأكيد على الحصيلة العامة الإيجابية للمحكمة خلال هذه سنة 2024، حيث تمكنت المحكمة الى حدود 31/12/2024 من البت في ما مجموعه 453341 قضية، من أصل 450118 ملفا مسجلا برسم السنة الحالية، وهو ما يعادل نسبة 101% التي تجعل المحكمة تتربع مجددا وللسنة الثانية على التوالي على مقدمة المحاكم الزجرية على الصعيد الوطني وتنال المرتبة الأولى.
وتم استعراض آخر الاحصائيات المسجلة متضمنة جداول بيانية لعدد الملفات التي تم البت فيها وعدد المخلف بالنسبة لكل شعبة، والتي توضح بشكل لا لبس فيه تنامي المردودية العامة لمختلف الشعب واستمرار ريادة المحكمة على الصعيد الوطني.
ان المتتبع لمخرجات الجمعية العمومية للمحكمة الزجرية التي تضم جناحي الرئاسة والنيابة العامة، سيلاحظ مستوى الانسجام والتناغم الذي يعمل السيد رئيس المحكمة ووكيل الملك بها أن يكرساه بين القضاء الواقف والقضاء الجالس لبلوغ أعلى درجات الحكامة والنجاعة القضائية، عن طريق تكريس ثقافة الشفافية والمسؤولية والحس النقدي لدى الجميع في تأمل مسار المحكمة وتقييم أدائها العام ونتائجها السنوية، والعمل على كشف مواطن الخلل والقصور والتقدير الجيد لمختلف الصعوبات الموضوعية التي يمكن أن تعرقل المجهودات الجماعية المبذولة أو أن تؤثر في المردودية العامة للمحكمة.
المثير للاهتمام أيضا في طريقة تدبير أشغال الجمعية العمومية للمحكمة الزجرية بالدار البيضاء، أن السيد الرئيس الأستاذ حسن جابر تمكن من وضع تصور شامل لمفهوم العدالة والحكامة والنجاعة القضائيين، يشكل العنصر البشري والتكامل بين مختلف حلقات العمل القضائي ركيزته الأساسية، ويستحضر البعد الإنساني في تكريس علاقة التواصل والاحترام بين رئيس المحكمة ومختلف العاملين والفاعلين، بدءا من السادة القضاة الى أعوان المحكمة.
وقد تجسد ذلك جليا في اللفتة الإنسانية العميقة الى كل هؤلاء على اختلاف مراتبهم بمنحهم جوائز وهدايا رمزية بناء على تقديرات لجنة المعايير، وهو ما خلف لدى الجميع صدى طيبا وخلق حوافز للجميع لبدل المزيد من الجهد والعطاء استعدادا لمواجهة اكراهات سنة قضائية جديدة ودفاعا عن المكانة الريادية للمحكمة باعتبارها محكمة مصنفة على الصعيد الوطني، ومحكمة تبقى أهلا لهذه الريادة والتصنيف عن جدارة واستحقاق.