يعد اليوم العالمي للجمارك، الذي يحتفل به في 26 يناير من كل سنة، مناسبة سانحة لتسليط الضوء على الحاجة إلى تحويل التزامات الجمارك إلى مزيد من الفعالية والأمن والازدهار المستدام.
وقد اختير لهذا العام شعار “جمارك تجسد التزاماتها من حيث الفعالية والأمن والازدهار”، الذي يبرز الدور الأساسي للإدارات الجمركية باعتبارها فاعلا رئيسيا في تيسير المبادلات التجارية، فضلا عن ضمان الأمن وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لمنظمة الجمارك العالمية، إيان سوندرز، في رسالة منشورة على الموقع الإلكتروني للمنظمة، أن الفعالية والأمن والازدهار هي أهداف عالمية تسعى الجمارك باستمرار إلى تحقيقها، من خلال الجهود المتواصلة لتحسين كل ما تقوم به.
وأوضح أن الكفاءة مدفوعة، على الخصوص، بتحديث الإجراءات الجمركية وتطوير الخدمات الرقمية، واستخدام البيانات وأدوات التحليل لتوجيه التدخلات، واستعمال أنظمة التفتيش والمراقبة، وكذا التعاون والحوار مع الكيانات العامة والخاصة.
في مجال الأمن، أشار السيد ساوندرز إلى أن جهود الجمارك تتراوح بين تعزيز أمن سلسلة التوريد ومنع نقل المنتجات غير المشروعة ومكافحة غسل الأموال وتحسين التأهب للأزمات.
ولفت إلى أن الازدهار، وهو الهدف النهائي، يعتمد على القدرة على ضمان تحصيل الإيرادات بشكل عادل، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال، ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة، ووضع سياسات وإجراءات وبيئات شاملة تراعي الاحتياجات المتنوعة للمواطنين.
وتابع قائلا: “إذا كانت الجمارك ملتزمة بتحسين الفعالية وتعزيز الأمن ودعم الازدهار على أساس يومي، فعلينا أن نكون أكثر وضوحا تجاه حكوماتنا والمجتمع بشكل عام بشأن التدابير التي نتخذها والنتائج التي نحققها”.
وفي هذا الصدد، سجل السيد ساوندرز أن آليات الإبلاغ والمساءلة موجودة بالفعل في بعض البلدان، لكنها غالبا ما تستهدف فئة متخصصة، وبالتالي فإن إنجازات الجمارك وتأثيرها على الرفاه الاجتماعي غالبا ما لا يفهمها عموم السكان.
المغرب.. مبادرات إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة
في المغرب، تنخرط إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بشكل تام في تحقيق أهداف شعار اليوم العالمي للجمارك 2025، خاصة من خلال إطلاق مبادرات استراتيجية تعكس التزامها بالتحديث والكفاءة والأمن.
فقد انخرطت الإدارة خلال السنوات الأخيرة في تحول رقمي عميق لتحسين أداء وشفافية خدماتها. ومن أبرز المبادرات، في هذا السياق، “Diw@nati”، وهي منصة رقمية تروم تبسيط التفاعلات بين المقاولات والإدارة الجمركية.
وتجمع هذه المنصة، التي تم تصميمها بروح تعاونية، الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين والخبراء التكنولوجيين حول أداة رقمية تستجيب لاحتياجات الجميع.
وبذلك، تتيح “Diw@nati” شفافية متزايدة وإدارة مبسطة للإجراءات الجمركية، بحيث تمكن المستخدمين من الاطلاع على تصاريحهم وتدبيرها في الوقت الفعلي.
كما تمثل هذه المنصة التزام الإدارة الجمركية بتقديم خدمات يسهل الولوج إليها، فضلا عن تعزيز علاقاتها بشركائها التكنولوجيين والتجاريين.
أما على الصعيد الدولي، فإن مبادرة “AfriDou@ne” هي خير مثال على الدور المحوري الذي تضطلع به إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في التعاون الإقليمي، بما يجعل من إفريقيا أفقا مشتركا.
ويعد هذا البرنامج، المصمم لمواكبة الإدارات الجمركية الإفريقية، مثالا حيا على التعبئة حول أهداف واضحة من خلال تعزيز القدرات المؤسسية وتشجيع الممارسات الجيدة وتيسير المبادلات التجارية في القارة.
وتندرج مبادرة “AfriDou@ne” في إطار شراكة رابح-رابح، إذ تتم الاستفادة من الخبرة المغربية لتطوير أوجه التآزر داخل إفريقيا، خاصة في إطار منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية.
وعلاوة على هذه المبادرات، تواصل إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة مضاعفة جهودها لتعبئة شركائها حول رهانات أساسية على غرار دمج التكنولوجيات الحديثة، والانتقال البيئي، والرقمنة المتزايدة.
كما تعبئ فاعلين رئيسيين (مقاولات، ومنظمات غير حكومية، ومنظمات دولية) للاستجابة للتحديات العالمية، من قبيل مكافحة التجارة غير المشروعة وضمان أمن السلاسل اللوجستية.
وتندرج هذه الجهود ضمن رؤية قائمة على الوفاء بالالتزامات المتعلقة بالكفاءة والأمن والازدهار.
إن هذا اليوم العالمي للجمارك، الذي يتيح لأعضاء منظمة الجمارك العالمية تقاسم الإجراءات المتخذة والتقدم المحرز، يسلط الضوء على حقيقة أن فعالية الجمارك لا تقتصر على المراقبة فحسب على الحدود، بل هي عامل حاسم في التنمية الاقتصادية والأمن العالمي ورفاه المواطنين.