تواصل النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء سعيها الحثيث لترشيد الاعتقال الاحتياطي، خاصة في ما يتعلق بالأحداث، وذلك من خلال مبادرات ملموسة تهدف إلى حماية هذه الفئة الهشة وضمان حسن تطبيق العدالة، وفقا لما تم التأكيد عليه من لدن الأستاذ صالح التيزاري الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، خلال افتتاح السنة القضائية لسنة 2025؛ ناهيك عن تفاعل النيابة العامة لدى ذات المحكمة مع التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالعفو لفائدة فئات معينة من المعتقلين.
وفي هذا الإطار، عملت النيابة العامة على تقديم ملتمسات تهدف إلى استبدال تدبير الاعتقال الاحتياطي المفروض على بعض الأحداث بتدابير حماية أكثر ملاءمة، تراعي ظروف كل حالة على حدة. وقد جاء هذا النهج استنادا إلى عدد من المعايير الأساسية، منها المصلحة الفضلى للحدث، والفترة التي قضاها رهن الاعتقال، وحداثة سنه، إضافة إلى كونه تلميذا أو متدربا في أحد مراكز التكوين المهني، وعدم توفره على سوابق قضائية، وتنازل الضحية، وعدم تحقق النتيجة الإجرامية في حالة المحاولة.
وقد أسفر هذا التوجه عن إنهاء حالة الاعتقال الاحتياطي لفائدة ستة وأربعين (46) حدثا، مما يعكس تفعيل النيابة العامة لمقاربة إنسانية تعطي الأولوية لإعادة الإدماج الاجتماعي لهذه الفئة.
وفي سياق متصل، حرصت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء على التفاعل مع التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالعفو لفائدة فئات معينة من المعتقلين، خصوصا الحالات ذات البعد الإنساني. وتماشيا مع مقتضيات الخطاب الملكي السامي بتاريخ 29 يناير 2003، والذي أكد على ضرورة التخفيف من معاناة السجناء لاعتبارات إنسانية، بادرت النيابة العامة إلى رفع مقترحات بالعفو الملكي السامي لفائدة مجموعة من النزلاء الذين يستوفون الشروط المحددة.
وفي هذا السياق، تم تنظيم زيارات ميدانية لكل من “السجن المحلي بعين السبع 1” و”مركز الإصلاح والتهذيب بعين السبع”، بتنسيق مع مدراء هذه المؤسسات السجنية، من أجل الوقوف على حالات النزلاء المعنيين. وقد مكنت هذه المبادرة من إعداد ورفع مقترحات للعفو لفائدة ثلاثة وأربعين (43) معتقلا، شملت السجناء المصابين بأمراض عضال، والعاجزين، والمعاقين، والنساء الحوامل أو المرضعات، فضلا عن الأحداث الذين يتوفرون على مهارات تربوية وفنية.
تؤكد حصيلة النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء خلال سنة 2024 التزامها بالموازنة بين ضمان الأمن العام واحترام حقوق الأفراد، لا سيما الفئات الأكثر هشاشة، في إطار تطبيق عادل ومرن للقانون؛ وبأن العدالة ليست مجرد نصوص قانونية، بل منظومة متكاملة ترتكز على المبادئ الإنسانية وتحرص على تحقيق المصلحة العامة وفق رؤية متبصرة ومتوازنة.