مع افتتاح السنة القضائية 2025، شكلت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء نموذجا بارزا في تطوير العمل القضائي وتعزيز النجاعة في معالجة القضايا، حيث أكد رئيس المحكمة، السيد عبد العزيز فتحاوي، خلال كلمته الافتتاحية، أن هذا اللقاء يشكل فرصة “لاستحضار ما فات، واستشراف ما هو آت، لانتقاد الذات ورصد العثرات، واقتناص الشارد وتشذيب الزائد”، مشيرا إلى المنجزات التي حققتها المحكمة رغم التحديات المطروحة.
أبرزت حصيلة المحكمة تحسنا ملحوظا في آلية التبليغ، التي شهدت تطورا كبيرا بفضل الجهود المبذولة لضمان سرعة وفعالية إيصال الإشعارات القضائية للمعنيين. كما عرف التنفيذ الزجري قفزة نوعية، إذ بلغت المبالغ المالية المتحصلة هذه السنة 7.112.328 درهما، مقارنة بـ 6.572.419 درهما سنة 2023، و6.321.331 درهما سنة 2022، بينما لم تكن تتجاوز 3.952.672 درهماً سنة 2015، مما يعكس تطور أداء المحكمة في تنفيذ الأحكام الزجرية واسترجاع الأموال المستحقة للدولة والمتقاضين.
من أبرز المهام التي تقوم بها محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تتبع نسبة الملفات المنقوضة من عدمها، وهو مؤشر على جودة الأحكام الصادرة. وقد بلغ عدد الملفات التي تم فيها رفض طلب النقض سنة 2023 1363 ملفا، موزعة بين 65 ملفا زجريا و1298 ملفا مدنيا، أي بنسبة 6% فقط من مجموع الملفات المحكومة، مما يدل على متانة القرارات القضائية.
أما الملفات التي تم فيها النقض والإحالة، فلم تتجاوز 37 ملفا زجريا و919 ملفا مدنيا، وهو ما يبرز الجهود المبذولة لضمان جودة الأحكام والتقليل من الأخطاء القضائية.
وأكد السيد فتحاوي أن المحكمة تحرص على “تزويد القضاة بقرارات النقض والإحالة، والعمل على تبويبها وتتبعها”، مما يساهم في تحسين أداء القضاة وضمان التناسق بين الاجتهادات القضائية.
تعكس الأرقام المسجلة خلال السنة القضائية الماضية التطور الإيجابي الذي تعرفه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، سواء من حيث تصفية الملفات، أو تعزيز جودة الأحكام، أو تحسين عملية التنفيذ الزجري.
ورغم التحديات، فإن المحكمة تواصل العمل على تحقيق مزيد من الفعالية في تدبير القضايا، بما ينسجم مع التوجيهات الإصلاحية للسلطة القضائية في المغرب، ويضمن تقديم خدمة عدلية ناجعة تواكب تطلعات المتقاضين وترسخ ثقتهم في القضاء.
