مساحة اعلانية

قراءة في حصيلة المديرية العامة للأمن الوطني (2024): ماذا لو لم يتم ضبط هذه الكميات الضخمة من السموم القاتلة؟

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية

تواصل المديرية العامة للأمن الوطني، حربها الشرسة ضد شبكات تهريب وترويج المخدرات، محققة نتائج بارزة خلال سنة 2024. فقد أظهرت الأرقام الرسمية تسجيل انخفاض بنسبة 7% في قضايا المخدرات مقارنة بالسنة الماضية، حيث تمت معالجة 92,346 قضية، مع توقيف 119,692 شخصا، بينهم 287 أجنبيا.

ورغم هذا التراجع الطفيف، فإن حجم المخدرات المحجوزة يبعث على القلق، إذ بلغ 123 طنا و971 كلغ من الحشيش، وطنا و948 كلغ من الكوكايين، و16 كلغ و53 غراما من الهيروين، إضافة إلى أكثر من 1.4 مليون قرص مهلوس، منها 773,493 قرصا من “إكستازي”.

إن الحديث عن هذه الحصيلة الأمنية الكبيرة يقودنا إلى طرح تساؤل مرعب: ماذا لو لم يتم ضبط هذه الكميات الضخمة من السموم القاتلة؟ لو تسربت هذه الشحنات إلى السوق السوداء، لكانت عواقبها كارثية على الشباب والمجتمع ككل.

فالكوكايين والهيروين وحدهما كانا سيؤديان إلى ارتفاع حالات الإدمان القاتل، حيث تؤدي هذه المخدرات الصلبة إلى تدمير الخلايا العصبية، وتعريض المستهلكين لخطر الجرعات الزائدة، ناهيك عن تفشي الجريمة كنتيجة مباشرة لحاجة المدمنين إلى المال لشراء المخدرات.

أما بالنسبة للأقراص المهلوسة، وعلى رأسها “إكستازي”، فهي من بين أخطر المخدرات التي تستهدف الفئات الشابة والمراهقين، حيث تؤدي إلى تغيرات نفسية وسلوكية خطيرة، بما في ذلك الهلوسة والعنف والسلوك العدواني؛ ولو لم يتم اعتراض هذه الشحنات، لكانت النتائج وخيمة على الأمن والاستقرار، مع ازدياد معدلات الجريمة، وحوادث العنف، وحتى الكوارث الصحية في المستشفيات بسبب حالات التسمم والإدمان.

هذه الأرقام تثبت أن المغرب ليس فقط معبرا لعبور المخدرات نحو أوروبا، بل أصبح أيضا ساحة معركة حقيقية بين الأمن وكارتيلات الجريمة المنظمة. فالعمليات الأمنية لا تستهدف فقط حجز المخدرات، بل تمتد إلى تفكيك الشبكات الإجرامية العابرة للحدود، والتي تستخدم تقنيات متطورة ووسائل نقل سرية لتهريب هذه السموم.

إن هذه المعركة الأمنية المتواصلة تؤكد الدور المحوري الذي تلعبه السلطات الأمنية في حماية المجتمع من خطر المخدرات، وهو ما يستوجب دعما مستمرا لهذه الجهود، سواء من خلال تعزيز الإمكانيات اللوجستية والتكنولوجية، أو من خلال الرفع من مستوى التعاون الدولي لمكافحة الشبكات العابرة للقارات.

فإذا كانت الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها في تعقب واعتقال المروجين، فإن المجتمع بدوره مطالب باليقظة والتحسيس بمخاطر الإدمان، خاصة في أوساط الشباب. فالأسرة؛ والمدرسة؛ والإعلام؛ والمجتمع المدني، كلها جهات يجب أن تساهم في حماية الأجيال القادمة من الوقوع في براثن هذه الآفة القاتلة.

إن الأرقام التي كشفتها المديرية العامة للأمن الوطني تسلط الضوء على حجم التحدي الذي يواجهه المغرب في حربه ضد المخدرات، وتجعلنا ندرك حجم الكارثة التي تم تفاديها بفضل تدخلات الأمن. ولكن، ورغم هذه الجهود، فإن المعركة لم تنته بعد، وما زالت هناك حاجة إلى مزيد من الوعي والتحرك الجماعي لحماية المجتمع من هذا الخطر الداهم.

شارك المقال شارك غرد إرسال
مساحة اعلانية
مساحة اعلانية