مساحة اعلانية

تفعيل الأجال الاسترشادية، رهان لتعزيز النجاعة القضائية وثقة المواطنين

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية

في خطوة تهدف إلى تكريس مبدأ النجاعة القضائية وتعزيز ثقة المتقاضين في منظومة العدالة بالمغرب، أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أمس الخميس 13 مارس الجاري، دورية إلى السيدة والسادة الرؤساء الأولون لمختلف محاكم الاستئناف، والسيدات والسادة رؤساء محاكم أول درجة، حول الأجال الاسترشادية للبت في القضايا؛ مذكرا عبرها بقرار المجلس الصادر بتاريخ 21 دجنبر 2023، الذي يحمل رقم 7/1244، والمتعلق بتحديد الأجال الاسترشادية للبت في القضايا وبدورية السيد الرئيس المنتدب عدد 23.37 بتاريخ 21 دجنبر 2023.

وكشفت ذات الدورية، التي اطلع البيضاوي على فحواها، أن هذه المبادرة، جاءت استنادا إلى الفصل 120 من الدستور، الذي ينص على الحق في محاكمة عادلة داخل أجل معقول، وإلى مقتضيات المادة الـ45 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.

يشكل هذا القرار خطوة عملية لمواجهة الإشكاليات التي تعرقل السير العادي للقضايا بالمحاكم، وعلى رأسها التأخيرات المتكررة الناجمة عن أسباب غير موضوعية، مثل عدم تبليغ الاستدعاءات في الوقت المناسب، وتأخير الدعاوى لمرات عديدة دون مبرر وجيه، وكذا التأخير في إيداع تقارير الخبرة اللازمة للفصل في القضايا.

وفي هذا الإطار، دعا الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، من خلال الدورية رقم 23.37، السادة القضاة إلى التقيد بهذه الأجال والعمل على تفعيل الإجراءات الكفيلة بضمان احترامها، وذلك من خلال اتخاذ تدابير صارمة لتسريع التبليغات، والحرص على تتبع تنفيذ التقارير والخبرات المطلوبة دون تأخير، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين في المنظومة القضائية لتحقيق هذه الأهداف.

أما على مستوى مزايا التقيد بالأجال الاسترشادية، فيمكن إجمالها في عديد المزايا، من بينها على سبيل المثال لا الحصر:

1. الحد من تراكم القضايا: إذ يساهم احترام الأجال الاسترشادية في تسريع وتيرة البت في الملفات، مما يقلل من تراكم القضايا المعروضة على المحاكم، وبالتالي تخفيف العبء على القضاة وتعزيز جودة الأحكام الصادرة؛

2. تعزيز ثقة المواطنين في العدالة: يعد التأخير المفرط في البت في القضايا أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر سلبا على ثقة المواطنين في القضاء. لذا، فإن الالتزام بأجل معقول للفصل في النزاعات من شأنه أن يعزز ثقة المتقاضين في نجاعة المنظومة القضائية وقدرتها على ضمان حقوقهم في الوقت المناسب؛

3. تحسين ترتيب المغرب في مؤشرات العدالة: يؤثر بطء الإجراءات القضائية على ترتيب المغرب في التقارير الدولية المتعلقة بجودة القضاء وسيادة القانون، ومن شأن تفعيل الأجال الاسترشادية أن يساهم في تحسين صورة القضاء المغربي على الصعيدين الوطني والدولي؛

4. دعم الاستثمار وتعزيز الأمن القانوني: إن وضوح أجال البت في القضايا، خاصة تلك المتعلقة بالنزاعات التجارية، يمنح المستثمرين ثقة أكبر في مناخ الأعمال، ويشكل عاملا مهما في تحسين جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية، حيث يعد القضاء الفعال والناجع من أهم مقومات بيئة الأعمال السليمة.

ورغم أهمية هذا القرار، فإن نجاحه يرتبط بعدة عوامل، من بينها ضرورة توفير الموارد البشرية والتقنية الكافية لضمان تنفيذ هذه الأجال، وتعزيز آليات الرقابة والتتبع داخل المحاكم، إلى جانب تكوين القضاة والموظفين في مجال تدبير الزمن القضائي.

وعلى المدى البعيد، يمكن تطوير هذه الآلية عبر الاستفادة من الرقمنة في تسريع إجراءات التقاضي، وتفعيل منصات إلكترونية لمتابعة أجال القضايا، إضافة إلى تعزيز بدائل فض النزاعات، مثل الوساطة والتحكيم، كحلول مكملة لتخفيف الضغط على المحاكم.

يمثل قرار تحديد الأجال الاسترشادية خطوة إيجابية نحو تحسين أداء القضاء المغربي وتعزيز ثقة المواطنين فيه، غير أن نجاحه يتطلب تضافر جهود كافة الفاعلين في المنظومة القضائية، من قضاة وإدارة قضائية ومحامين وخبراء..، لضمان احترام هذه الأجال وتجاوز الإشكاليات التي قد تعترض تفعيله، فبقدر ما يشكل الأجل المعقول ضمانة لحقوق المتقاضين، فإنه يعد أيضا مؤشرا على مدى نجاعة المنظومة القضائية في تحقيق العدالة الناجزة والمنصفة.

شارك المقال شارك غرد إرسال
مساحة اعلانية
مساحة اعلانية