في ظل أزمة الجفاف غير المسبوقة التي يشهدها المغرب، برز مشروع “الطريق السيار المائي” كحبل نجاة لحوالي 12 مليون شخص مهددين بالعطش، هذا المشروع الاستراتيجي، الذي يربط بين أحواض الشمال الغنية بالمياه والمناطق الوسطى المتعطشة لها، يعكس رهان المغرب على نقل الموارد المائية، لكن هل سيكون حلا مستداما في مواجهة التقلبات المناخية؟
شهد المغرب خلال العقد الأخير انخفاضا حادا في الموارد المائية، حيث تراجعت من 18 مليار متر مكعب في الثمانينات إلى 5 مليارات متر مكعب فقط كمعدل سنوي حالي، كما أن نسبة التساقطات المطرية انخفضت بـ75% خلال السنوات الست الماضية، مقارنة بالمتوسط المعتاد، بينما ارتفعت درجات الحرارة بـ1.8 درجة في عام 2023، مما زاد من معدلات التبخر.
وتمثل قناة تحويل المياه، الممتدة على 67 كيلومترا من نهر سبو شمال القنيطرة نحو العاصمة، أول خطوة في مشروع ضخم يهدف إلى توسيع شبكة نقل المياه حتى مراكش في المستقبل، ومنذ تشغيلها في غشت 2023، ساهمت هذه القناة في تأمين مياه الشرب لمدن الرباط، سلا، وتمارة، وحتى شمال الدار البيضاء.
لكن رغم هذا النجاح الأولي، يبقى مستقبل المشروع مرهونا بمخاطر التغير المناخي، إذ تشير محاكاة علمية إلى احتمال تراجع مخزون أحواض الشمال نفسها خلال العقود المقبلة، ما قد يجعل هذا الحل مؤقتًا وغير مستدام.
ورغم أهمية “الطريق السيار المائي”، يؤكد الخبراء على ضرورة تعزيز مشاريع تحلية مياه البحر، حيث يخطط المغرب لرفع إنتاجه من المياه المحلاة من 270 مليون متر مكعب حاليًا إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول 2030. كما يشدد الباحثون على ضرورة تطوير تقنيات الري الذكي والتوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك المائي، خاصة أن القطاع الزراعي يستحوذ على حوالي 87% من الموارد المائية المتاحة.
مع استمرار أزمة المناخ، يبقى التحدي الأساسي هو ضمان توزيع عادل ومستدام للمياه؛ فهل يستطيع المغرب تحقيق التوازن بين الحلول المؤقتة والاستراتيجيات طويلة الأمد لضمان أمنه المائي؟