في نهاية أسبوع صاخب بكرة القدم الوطنية، أسدل الستار على مباريات ثمن نهائي كأس العرش لموسم 2023-2024، ولكن لم تكن النتائج عادية على الإطلاق.
ثلاثي البيضاء الكروي، الوداد، الرجاء، والاتحاد البيضاوي، سقط تباعا في مشهد غير مسبوق، وكأن لعنة حقيقية أصابت كرة القدم البيضاوية، فأطاحت بها دفعة واحدة من أقدم وأعرق مسابقات الكرة المغربية.
سقوط الوداد الرياضي أمام المغرب التطواني بهدف دون رد جاء ليؤكد أن الفريق الأحمر، رغم اسمه وتاريخه، ما زال يعاني من غياب الفاعلية في مباريات الحسم.
عناصر الفريق ظهرت بلا روح قتالية، وتكتيك المدرب لم يُجدِ نفعا أمام انضباط الفريق التطواني الذي عرف كيف يمتص الضغط ويضرب في الوقت المناسب.
كما أن جمهور الوداد الذي اعتاد على رؤية فريقه في الأدوار المتقدمة، وجد نفسه مجددا يودّع الكأس مبكرا.
أما الرجاء الرياضي، فخيبة الأمل كانت مضاعفة. الخسارة أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي بهدفين لهدف جاءت لتضع علامات استفهام كثيرة حول الاستعداد الذهني للفريق الأخضر. رغم التحسن الملحوظ في البطولة الوطنية الاحترافية، إلا أن الرغبة في الكأس غابت أمام خصم عرف كيف يستغل المساحات ويضغط على مواطن ضعف الرجاء.
ما حدث لا يمكن تفسيره فقط بتراجع الأداء، بل ربما بعدم الجاهزية العقلية لمباراة تعتبر “فخا كلاسيكيا” في مباريات الكأس.
الاتحاد البيضاوي، ممثل الأحياء الشعبية البيضاوية وصاحب تاريخ محترم في مسابقة الكأس، سقط هو الآخر أمام اتحاد تواركة بهدفين دون رد.
الفريق ظهر باهتا واستسلم مبكرا أمام فريق منظم وقوي بدنيا، غابت الحلول الهجومية، وغابت معها الشخصية التي تميز “الطاس” في مثل هذه المواعيد. الخروج من ثمن النهائي جاء ليكمل ثلاثية الانكسار البيضاوي.
سقوط الرجاء والوداد والاتحاد في ثمن النهائي ليس مجرد صدفة، بل مشهد يعكس أزمة بنيوية في طريقة تعاطي هذه الفرق مع مباريات الكؤوس.
فالأمر لا يتعلق فقط بمستوى اللاعبين، بل يمتد إلى اختيارات تقنية، وإعداد نفسي، وربما استهتار غير معلن بالمنافسين الذين لم يعودوا صيدا سهلا.
المباريات أفرزت فرقا أثبتت جاهزيتها البدنية والذهنية مثل المغرب التطواني، الاتحاد الإسلامي الوجدي، واتحاد تواركة، في حين خرجت فرق البيضاء مثقلة بخيبات الأسئلة: أين الخلل؟ هل في المدرب؟ في اللاعب؟ أم في المنظومة كلها؟
وحدها جماهير البيضاء تعرف مرارة الخروج الجماعي، لكنها أيضا تدرك أن ما حدث لا يجب أن يبرر بالحظ أو التحكيم أو الإرهاق، ما وقع هو إنذار واضح بأن كرة البيضاء، رغم تاريخها وألقابها، أصبحت مهددة بفقدان بريقها إن لم تُعِد ترتيب البيت الداخلي، وتحترم مباريات الكأس كما يجب.
كأس العرش مرة أخرى تثبت أنها لا تعترف بالأسماء، بل بمن يتهيأ ذهنيا وبدنيا ويقاتل على كل كرة، الفرق البيضاوية سقطت، لكن الفرصة ما زالت قائمة لتصحيح المسار في باقي المنافسات. أما جماهير البيضاء، فعليها أن تطالب بما هو أكبر من الألقاب: تطالب برجال يقدرون القميص والمدينة والجماهير والتاريخ والرمز.