مساحة اعلانية

الردود الجزائرية على اعتراف فرنسا والولايات المتحدة بمغربية الصحراء: “الله يعز لحكام”

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية

في خضم التحولات الجيوسياسية التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، أثارت ردود فعل الجزائر تجاه الاعترافات المتتالية بمغربية الصحراء، وتأييد مبادرة الحكم الذاتي، خصوصا من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، تساؤلات عدة بشأن تماسك خطابها الدبلوماسي وتوازن لهجتها بين العواصم الغربية.

الرد الجزائري على الموقف الفرنسي جاء بنبرة هجومية شديدة، وصفت فيها الموقف الفرنسي بـ”الاستهتار” و”الاستخفاف”، معتبرة أن الاعتراف بمغربية الصحراء يمثل “انتهاكا للشرعية الدولية”، وتخليا عن “مسؤولياتها كعضو دائم في مجلس الأمن”. وفي خطوة تصعيدية، قررت الجزائر سحب سفيرها من باريس.

وكعنوان: الله يعز لحكام، بالمقابل، جاء الرد الجزائري على تأكيد الموقف الأمريكي أقل حدة، بل تميز بلهجة تقنية قانونية وتحليلية، تعرب فيه الجزائر عن “الأسف” فقط، وتذكر بقرارات الأمم المتحدة. لم يتضمن البيان أي إجراءات دبلوماسية عملية مثل استدعاء السفير أو تعليق العلاقات، بل ركز على تقديم قراءة جزائرية لمبدأ تقرير المصير ومكانة الصحراء في النظام القانوني الأممي.

هذا ويمكن تفسير هذا التباين في اللهجة بين البيانين بعدة اعتبارات:

1. الثقل الجيوسياسي: الولايات المتحدة تعتبر الفاعل الرئيسي داخل مجلس الأمن الدولي، وقوة حاسمة في الملف المغربي، وقد يكون الرد الجزائري “المخلوع” أو الجبان نابعا من الحرص على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع واشنطن رغم الاختلاف؛ كأني بالكابرانات يتشدقون: “لي خاف نجا”؛

2. العلاقة المعقدة مع فرنسا: خلاف الجزائر مع باريس يتجاوز قضية الصحراء المغربية، ويتغلغل في عمق الذاكرة التاريخية الاستعمارية، ومسائل الهجرة، والجالية الجزائرية، والملفات الأمنية في الساحل الإفريقي. الموقف الفرنسي الأخير كان فرصة لإعادة تصعيد التوتر القائم أصلا؛

3. البعد الرمزي والعلني للموقف الفرنسي: اعتراف باريس، الحليف التقليدي للجزائر، بمغربية الصحراء، حمل بعدا رمزيا صادما للجزائر، خاصة أنه جاء في توقيت حساس تزامنا مع تقارب فرنسي مغربي متصاعد، وهو ما جعل الرد يتجاوز مجرد بيان إلى خطوة دبلوماسية عملية.

إن ازدواجية الخطاب كإستراتيجية محفوفة بالتناقض، يجعلنا نجزم أن بيانات الكابرانات تعكس تجاه كل من فرنسا والولايات المتحدة، محاولة الموازنة بين التمسك بخطاب “القانون الدولي”، وبين إدارة التحالفات الدولية بمنطق المصالح والبراغماتية.

غير أن هذه الازدواجية في اللهجة قد تضعف مصداقية الموقف الجزائري المهتز أمام المجتمع الدولي، وتظهره في موقع المتذبذب بين منطق العداء السياسي ومنطق التحفظ الاستراتيجي.

وفي ظل تعاظم الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، يبقى على الجزائر أن تعيد ضبط خطابها الدبلوماسي بما يتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية. وترضخ للأمر الواقع وللتاريخ والجغرافيا والدعم الدولي المتنامي يوما بعد يوم.

فقديما قال أسلافنا المغاربة الحكماء: “الله يلعن لي ميحشم”

شارك المقال شارك غرد إرسال
مساحة اعلانية
مساحة اعلانية