مساحة اعلانية

قاضي تطبيق العقوبات والعقوبات البديلة.. ضمانات إنسانية وتنزيل عملي للعدالة الزجرية

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية

استأثرت مداخلة السيد عادل بوحيي، رئيس شعبة نجاعة القضاء الجنائي، خلال ندوة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، باهتمام كبير، إذ تناولت موضوعا حساسا وراهنا يتعلق بـقاضي تطبيق العقوبات، والدور الذي أصبح يلعبه في تنزيل العدالة الزجرية على نحو أكثر إنسانية وفعالية؛ في سياق التحولات التي يعرفها النظام القضائي المغربي.

أبرز المتحدث أن المشرع المغربي، وعيا منه بضرورة تطوير فلسفة العقوبة، أحدث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات، وأسند لها اختصاصات دقيقة تشمل مراقبة قانونية تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، وملاءمة ظروف العقاب مع شخصية المحكوم عليه، مع التأكيد على أن العقوبة ليست انتقاما بل أداة لإعادة الإدماج.

وأشار بوحيي إلى أن المادة 596 من قانون المسطرة الجنائية تشكل المرجع المؤطر لعمل هذه المؤسسة، وأن التعديل التشريعي 43.22 منح قاضي تطبيق العقوبات صلاحيات جديدة، مما حوله من دور تقليدي إلى فاعل مركزي في السياسة الجنائية، خصوصا فيما يتعلق بـالعقوبات البديلة.

أكد السيد بوحيي أن من بين أبرز التحولات التي يعرفها الحقل الزجري المغربي، هو تكريس العقوبات البديلة، التي تهدف إلى تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، وضمان مسار تأهيلي أكثر نجاعة للمحكوم عليهم، هذه العقوبات لا يمكن تنفيذها إلا بإشراف قاضي تطبيق العقوبات، الذي: يصدر المقرر التنفيذي الخاص بها؛ ويتابع التقارير الشهرية المتعلقة بتنفيذها؛ ويبت في أي نزاع أو غموض يكتنف تطبيقها؛ ويقرر الرجوع إلى العقوبة الأصلية إذا لزم الأمر.

وصف السيد بوحيي قاضي تطبيق العقوبات بأنه اليوم مؤسسة قائمة بذاتها، لا على مستوى الاختصاصات فقط، بل أيضا على مستوى الهيكلة الإدارية، حيث نص مشروع تعديل المسطرة الجنائية صراحة على أن القاضي يتوفر على كتابة خاصة وسجلات ووسائل لوجستيكية لمباشرة مهامه في استقلال تام.

وتابع أن هذا التطور لا يأتي في سياق تنظيمي صرف، بل يندرج ضمن رؤية استراتيجية واضحة يتبناها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لترسيخ قضاء حديث، ناجع وإنساني في آن واحد، يرتكز على المراقبة المستمرة وتقييم الأثر.

أوضح المتحدث أن فلسفة العقوبات في المغرب لم تعد تنحصر في البعد الزجري التقليدي، بل أصبحت تؤمن بضرورة الموازنة بين الردع العام والخاص من جهة، وإعادة تأهيل الفرد وتمكينه من الإدماج الاجتماعي من جهة أخرى، وهو ما يجعل من قاضي تطبيق العقوبات حجر زاوية في إنجاح هذه الرؤية المتقدمة.

وختم السيد بوحيي مداخلته بالتأكيد على أن تجربة العقوبات البديلة، رغم حداثتها، تظهر بوادر نجاح واعدة، شرط توفير الدعم المؤسساتي الكافي، واستمرار التأهيل المعرفي والتكويني للقضاة المكلفين بهذه المهام النوعية.

شارك المقال شارك غرد إرسال
مساحة اعلانية
مساحة اعلانية