مساحة اعلانية

مهرجان حب الملوك بصفرو، أو حين يثمر الكرز ذاكرة وهوية

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية

تعود مدينة صفرو لتسكن قلب المشهد الثقافي المغربي من جديد، وهي تستعد لاحتضان الدورة الواحدة بعد المائة (101) لمهرجان “حب الملوك”، في الفترة الممتدة من 11 إلى 14 يونيو 2025، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في احتفالٍ يزاوج بين عبق التاريخ ونبض الحاضر، وبين الاحتفاء بالكرز والاحتفاء بالإنسان.

منذ 1919، ظل هذا الموعد السنوي يرسخ لثقافة الفرح الجماعي، لكنه في العمق أعمق من مجرد مهرجان احتفالي، فهو مرآة لروح التعايش التي طبعت صفرو منذ قرون، المدينة التي احتضنت المسلمين واليهود في تناغم إنساني نادر.

لا عجب أن يكون مهرجانها الأشهر قد نال سنة 2012 اعتراف اليونسكو باعتباره تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية.

وراء كرنفال الألوان، واختيار ملكة حب الملوك، والسهرات الموسيقية الباذخة، توجد خيوط دقيقة تنسج هذا الموعد الثقافي والاجتماعي، الذي يحاول في كل دورة أن يوازن بين الأصالة والتجديد.

فليست التبوريدة، ولا الحرف اليدوية، ولا المنتجات الفلاحية، مجرد ديكور مواز، بل هي نبض مجتمع بكامله يعرض مهاراته، وينفض الغبار عن ذاكرته، ويجدد صلته بزائريه.

الدورة 101 تنعقد في زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى الاقتصاد المحلي، والترويج لمنتجات “القرى المنسية”، والتشبيك بين الثقافة والسياحة.

من هنا، تتجاوز فواكه حب الملوك رمزها الزراعي، لتصير جسرا بين الإنسان ومجاله، بين الماضي ورهانات المستقبل. وقد أحسنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- بمعية المجلس الجماعي لصفرو في تثبيت هذا الحدث ضمن مسار التنمية الثقافية والاقتصادية المستدامة.

لكن خلف هذا البريق، ثمة أسئلة تطرح نفسها في الكواليس:
هل تملك صفرو البنية التحتية الكافية لتحمل الزخم السياحي المحتمل؟
هل يعود هذا الزخم بالنفع المباشر على الساكنة المحلية، أم يختزل الأثر في رمزية المهرجان فقط؟
ثم، كيف يمكن تطوير المهرجان ليصبح ورشة تفكير سنوية حول الثقافة المحلية والصناعات الصغيرة، بدل أن يظل حبيس دائرة الاحتفال الموسمي؟

في النهاية، تبقى صفرو ومهرجانها نموذجا لما يمكن أن تكون عليه المدن الصغيرة حين تتملك هويتها وتستثمر في موروثها. إنها مدينة لا تحتفل بالكرز فقط، بل تحتفل بما تبقى من جمال بسيط في عالم معقد، وتعلمنا أن الثقافة ليست ترفا، بل ملاذ جماعي من التهميش والنسيان.

شارك المقال شارك غرد إرسال
مساحة اعلانية
مساحة اعلانية