مساحة اعلانية

من الهامش إلى القيادة.. نساء قلعة السراغنة يصنعن التغيير عبر التعاونيات

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية

في صمت بعيد عن الأضواء، تخاض معركة حقيقية من أجل التمكين الاقتصادي والاجتماعي تقودها نساء قلعة السراغنة من داخل النسيج التعاوني، حيث يتحول الحلم إلى مشروع، والهشاشة إلى قوة، والتهميش إلى ريادة.

بعيدا عن الشعارات الجاهزة، يعكس الواقع الميداني لتجارب نسائية محلية كيف يمكن لتعاونيات بسيطة، مدعومة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أن تحدث أثرا عميقا في حياة النساء القرويات، الأمر لا يتعلق فقط بإنتاج الكسكس أو الحرف اليدوية، بل بإعادة رسم أدوار النساء داخل مجتمعاتهن.

تجربة “تعاونية كسكس تساوت”، التي تأسست سنة 2017 وسط مدينة قلعة السراغنة، مثال حي على هذا التحول؛ هنا لا تعد النساء الطعام فقط، بل يصنعن مستقبلهن بأيديهن، عبر منتوجات صحية ومبتكرة تستهدف فئة خاصة من المرضى (حساسية الغلوتين).

مبادرة جعلت من التعاونية أول فاعل على المستوى الوطني في مجال إنتاج “الكسكس الخالي من الغلوتين”، دون مواد حافظة، وباحترام صارم للمعايير الصحية.

رئيسة التعاونية، حفيظة فلاحي، تصف التجربة بكونها “مسارا لاسترجاع الكرامة وبناء الذات”، مشيرة إلى أن دعم المبادرة الوطنية لم يتوقف عند التمويل، بل شمل التكوين والمواكبة، مما منح النساء أدوات حقيقية لتغيير واقعهن.

في جماعة الشعراء، على بعد كيلومترات من العطاوية، تروي تعاونية “الحبكة” للخياطة والتطريز فصلا آخر من فصول هذا التحول الصامت.

نساء بدأن من لا شيء، وبعضهن لا يعرفن القراءة ولا الكتابة، وجدن في التكوين والاشتغال اليدوي فرصة لبناء مشروع حياة، من بينهن الشابة وداد، التي توقفت عن الدراسة في المستوى الإعدادي، لتلتحق بالتعاونية وتتعلم حرفة فتحت لها آفاقا جديدة.

وتقول وداد: “اليوم أحلم بأن أمتلك مشروعي الخاص.. لقد غيرت التعاونية حياتي”، في شهادة تختصر ما لا تقوله الأرقام الرسمية.

من جهتها، توضح عضوة التعاونية، ابتسام القائدي، أن المبادرة الوطنية وفرت دعما ملموسا، مكن النساء من التكوين والتأهيل، بل وشمل أيضا دروسا لمحاربة الأمية، في مقاربة ترتكز على تمكين المرأة من الاستقلالية على كافة المستويات.

هذا الحراك التعاوني لم يأت من فراغ، بل يعكس إرادة سياسية واجتماعية تترجمها المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي وضعت النسيج التعاوني النسائي في صميم أولوياتها، كما أكد السالك حاند، رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة الإقليم.

ومع كل تجربة نسائية جديدة، تزداد قناعة المجتمع المحلي بأن التغيير الحقيقي لا يحتاج إلى شعارات كبرى، بل إلى فضاءات صغيرة تصنع فيها أحلام كبيرة.. بآلة خياطة، أو حبات قمح، أو روح تضامن تعيد للمرأة القروية مكانتها كفاعلة وصانعة للتنمية.

شارك المقال شارك غرد إرسال
مساحة اعلانية
مساحة اعلانية