انطلقت بمدينة الدار البيضاء فعاليات النسخة الأولى من التظاهرة الدولية “Open Portfolio Casablanca”، الحدث الثقافي والفني المخصص لفنون الغرافيك المعاصر، والذي يشكل محطة بارزة في جهود انفتاح المغرب على المشهد الفني العالمي، ودعم الفنانين الناشئين من مختلف القارات.
ويأتي تنظيم هذه التظاهرة ثمرة شراكة بين المعرض الدولي لفن الغرافيك “فيت بلباو” بإسبانيا، ومؤسسة “الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات”، والمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء، حيث تسعى الأطراف المنظمة إلى جعل العاصمة الاقتصادية منصة حقيقية لاحتضان لقاءات فنية دولية نوعية.
في تصريح حصري لجريدة البيضاوي، قال إيناكي ألونسو، رئيس معرض “فيت بلباو”، إن “وصولنا إلى المغرب اليوم نابع من تعاون سابق مع الفنان كاليكستو إيبيكاي، الذي عرفنا بثقافة فنية مغربية غنية وواعدة، خاصة بعد مشاركة المغرب كضيف شرف في دورة العام الماضي لمعرضنا، ممثلا بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء وعدد من المعارض المغربية”.
وأضاف أن مبادرة “أوبن بورتفوليو” تهدف إلى اكتشاف ودعم الفنانين الناشئين من دول متعددة، من ضمنها المغرب، السنغال، فرنسا، روسيا، وإسبانيا، مبرزًا أن أربعة فنانين من المغرب سيشاركون في النسخة المقبلة من المعرض بإسبانيا نهاية نونبر 2025.
من جهته، وفي تصريح مماثل أبرز سعيد كيحيا، مدير المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء، أن “هذا المحفل هو أول تظاهرة من نوعها على المستوى الوطني والإفريقي في مجال فن الحفر والطباعة الفنية، ويعكس عمق الشراكة مع الجهات الدولية، لا سيما الإسبانية منها”.
وأردف قائلا: “توصلنا بمئات الطلبات الدولية للمشاركة، وانتقت لجنة تحكيم مكونة من خبراء مغاربة وأجانب 16 فنانا يمثلون 11 جنسية. نفتخر بأن من بينهم فنانين مغاربة شباب من طلبة مدرستنا، وهو ما يعكس جودة التكوين الفني المحلي”.
وفي السياق ذاته، أكد يونس بحار، مدير العمليات بـ”الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات”، أن اختيار العاصمة الاقتصادية لاحتضان هذه الدورة لم يكن وليد الصدفة، قائلا: “نجحنا في جلب هذه التظاهرة إلى المغرب بعدما كانت مبرمجة في الأرجنتين، وسنحرص على جعلها تقليدا سنويا يرسّخ مكانة الدار البيضاء كعاصمة ثقافية دولية”.
وأشار إلى أن النسخة الحالية تحتفي بفني النحت والطباعة، انسجاما مع مشروع إطلاق قرية النحت داخل المدرسة العليا للفنون الجميلة، مما سيتيح فرصًا جديدة للتكوين واللقاء الفني لفائدة المغاربة من داخل وخارج المدينة.
وعرفت التظاهرة، الممتدة إلى غاية 13 يوليوز، تقديم عرض تطبيقي في فن الحفر على الخشب أطره الفنان الصيني وي يوهانغ، وسط تفاعل كبير من الجمهور. كما يشمل البرنامج معارض فنية، محاضرات، وورشات تطبيقية مفتوحة أمام الأطفال والكبار، بالإضافة إلى موائد مستديرة تجمع بين فنانين ونقاد وأساتذة لمناقشة التحديات الراهنة لفنون الغرافيك.
ويهدف هذا الحدث إلى إعادة الاعتبار لفن الحفر كأحد أقدم أشكال الطباعة الفنية، وإبراز تقنيات مختلفة كالحفر الجاف، الطباعة المائية، والطباعة على الخشب، في أفق ترسيخ هذا الفن في الذاكرة البصرية المغربية.
تؤكد تصريحات مختلف المتدخلين في هذه التظاهرة أن الرهان يتجاوز البعد الاحتفالي، ليصل إلى دمقرطة الثقافة وتوسيع دائرة التلقي الفني، من خلال جعل الفن التشكيلي في متناول الجمهور المغربي مجانا، كما تنص عليه توجهات مجلس المدينة.
وتعد هذه النسخة التأسيسية من “أوبن بورتفوليو الدار البيضاء” انطلاقة قوية لخلق تقاطعات بين التجارب العالمية والطاقات المحلية، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب المغربي للإبداع والتألق في فنون الغرافيك، ولتأكيد مكانة المغرب كفاعل ثقافي في الساحة الدولية.