ما أن انتهى إلى علم المغاربة والفاعلين بالمملكة؛ خاصة الإعلاميين منهم، خبر مقتل البرلماني مرداس، والطريقة النوعية التي تمت بها الجريمة، وبعد أن تأخر الكشف عن القاتل، بالنظر إلى الحنكة المعروفة على الأجهزة الأمنية المغربية، المشهود لها بذلك عالميا، بدأ الصبر ينفذ، حتى لم يعد في قوس الصبر منزع، خُيِّل إلينا أننا أصبحنا في مرمى الجريمة المنظمة والعصابات العابرة للقارات أو أن الأمر يتعلق بالجريمة السياسية، خاصة وأن الأرملة صرحت لإحدى وسائل الإعلام بأن السياسة تفرز الأعداء.
بل ذهب حدس البعض إلى العصابات الدولية حمانا الله منها، إذ تسللت أخبار عن سفريات الضحية المتكررة إلى اسبانيا. فما زاد الطين بلة، أن السيارة المستعملة كانت ذات ترقيم خارجي.
لكن وبالنظر إلى تعامل السلطات الأمنية مع الموضوع، عبر البيانات التي كان تتوصل بها وسائل الاعلام التي بدورها كانت تخبر الرأي العام الوطني و”البيضاوي”، بكل شاردة وواردة، جعلتنا نطمئن بأننا فعلا نتلمس تغيرا إيجابيا، على مستوى الإخبار وحق المغربي دستوريا في الحصول على المعلومة؛ وهو ذات التعامل الذي دشن به السيد عبد اللطيف الحموشي مساره المهني في علاقته بالمواطنين تقعيدا للاستراتيجية الأمنية التي سطرها في ذات الشأن.
مرت مرحلة سكون لم تدم طويلا، نعتقد بأنه تطلَّبَتْها حساسية الملف، والظروف والملابسات ونوعية الجريمة بالنظر إلى شخصية الضحية، ووسيلة الجريمة، والتعدد واستعمال السيارات…وهلم جرا من المعطيات التي زادت من تتبع المغاربة للمسلسل الدرامي وتشوقهم لمعرفة الخاتمة.
في الأيام الأولى بدأت الشكوك تحوم حول السيدة المصونة، حرم الضحية، وفاء؛ اعتبارا لأجوبتها المريبة، وبالنظر إلى كون المرأة المتزوجة التي يتوفى عنها زوجها، تكون في حُرقة ليس لها مثيل، والزوج الحبيب قد توفى وتركها بلا معيل، وسط غدر الزمان…
لكن سيدة الفيلا بكاليفورنيا، كانت وهي تتحدث إلى وسائل الإعلام، تبكي بكاء من نوع ثان، بكاء الريبة والشك، وإن كانت القضية إلى حد كتابة هذه السطور ومن منظور العدالة المطلقة، تعتبر الأرملة مشتبها بها إلى أن تقرر المحكمة قرارها النهائي في النازلة. ذات البكاء جعلنا نشك فيه، واعتباره بكاء كبكاء التماسيح على الأقل من وجهة نظر متتبع.
بيان المديرية العامة للأمن الوطني، حول اعتقال المشتبه بهم الرئيسيين في جناية قتل البرلماني مرداس، أنهي الشك باليقين خاصة لما انتهى إلى علم المغاربة أن أرملة مرداس رهن تدبير الحراسة النظرية، فقلنا آنذاك ربما لمساعدة “البسيج” في استجلاء بعض عتمات القضية.
لكن اليوم الإثنين اقتيدت الأرملة مع القاتل هشام مشتري “العاشق الولهان”، للمثول أمام أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف قادمين رفقة باقي المعتقلين المتورطين في الجريمة، من المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
لعل القادم من الأيام سيكشف لنا عن تفاصيل أدق حول ملابسات الملف، وعن المتورطين الحقيقيين، في مقتل مرداس النائب البرلماني.
البيضاوي