مساحة اعلانية
اخــر الاخبــار

تنصيبُ المجلس الأعلى للسلطة القضائية استكْمَالٌ لثالُوثِ الحُكْم الرَّشِيد

سيدخل الأسبوع الأول من شهر أبريل 2017، إلى كتاب تاريخ المغرب من بابه الواسع، ذلك أنه أرَّخَ للحظات انتظرها المغاربة ستة أشهر بالتمام والكمال، مع ما رافقها من لغط وتنابز وصدامات بين الفرقاء السياسيين أو بين المؤثثين للمشهد السياسي المغربي إن صح التعبير، أولا بتعيين الحكومة، ووقتا ليس باليسير، بتعيين المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

ستة أشهر من الزمن السياسي، تعني الشيء الكثير لدى منظري السياسة والمؤرخين والفاعلين من مختلف المشارب؛ في مقدمتهم المواطن والمقاولة والاستثمار والأسر المغربية.. غير أن شهر أبريل الذي في الغالب يدخل علينا بكذبته؛ أبى إلا أن يزف للمغاربة أخبارا واقعية سارة تتعلق بسلطتين، التنفيذية والقضائية لولاهما إضافة إلى السلطة التشريعية؛ ثالوث الحُكْم الرَّشِيد، لما كان للديمقراطية وجود ولدولة الحق والقانون من اعتبار.

فيوم الثلاثاء 04 أبريل الجاري، سيعين جلالة الملك محمد السادس أعضاء المحكمة الدستورية؛ والأربعاء 05 أبريل سيعين الملك حكومة سعد الدين العثماني؛ والخميس 06 أبريل، وختامها مسك، سيعين الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكأني بالتعيين يحمل بين ثناياه رمزا دستوريا، إذ تم تعيين السلطة التنفيذية في يوم جُعِلَ وسط يومين عُين فيهما هرمي السلطة القضائية (المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية).

واختتمت التعيينات بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، لتبقى رمزيا أمُّ السلط التي ستظل عينها على باقي السلط؛ كسيف في يد امرأة معصوبة العينين، تهوي به في حال إخلال أحدهم بميزان العدل الذي تمسكه بيده اليسرى.

فإضافة إلى دستور 2011، نص الفصل 116 منه، على صياغة قانون تنظيمي يتضمن مقتضيات تنص على انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة، ومسطرة التأديب.

لذلك يعتبر القانون التنظيمي 13-100، الذي صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-16-40 بتاريخ 14 جمادى 1437، الموافق لـ24 مارس 2016، أحد ركائز الصرح القانوني والتنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

تعيين المجلس الأعلى للسلطة القضائية

عين الملك محمد السادس البارحة (الخميس 06 أبريل 2017) المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ليكتمل صرح المؤسسات القضائية بعد انتظار بفعل الأجندة الملكية بإفريقيا.

لقد أقــر دستور 2011، في فصله 107، بالسلطة القضائية كإحدى السلط بالمغرب، وباستقلالها عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، مؤكدا بأن الملك هو الضامن لاستقلال هذه السلطة. وبالتالي يعتبر تكريسها كسلطة كاملة الاستقلال لن يتأتى إلا بفعل سلطة حقيقية مستقلة، وبسلطات واسعة ينص عليها الدستور.

ما أن صوت المغاربة على دستور 2011، حتى استبشر الكل خيرا، بخصوص التنصيص وتضمين مقتضيات دستورية تؤكد وتنص على استقلال السلطة القضائية، باختصاصات غير تلك التي كانت مجرد أعراف متعارف عليها بباقي الديمقراطيات بجميع دول العالم.

قطع دستور 2011، الشك باليقين، فأفرد الباب السابع للسلطة القضائية (استقلال القضاء)، وبالتالي أراد أن يكرس دستوريا استقلال السلطة القضائية، لبناء صرح دولة الحق والقانون، ولمجاراة الطفرة التي يشهدها المغرب على جميع المستويات والأصعدة.

تأليف المجلس الأعلى للسلطة القضائية

يتألف المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إضافة إلى الرئاسة الفعلية للملك محمد السادس، من رئيس منتدب؛ هو الرئيس الأول لمحكمة النقض (السيد مصطفى فارس)، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض (السيد امحمد عبد النباوي الذي عين يوم 03 أبريل في ذات المنصب)، ومن رئيس الغرفة الأولى بمحكمة النقض (السيد عبد العالي العبودي).

كما يتكون المجلس الأعلى للسلطة القضائية وجوبا، وبنص الدستور، من رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان (ادريس اليزمي)، ومن وسيط المملكة (عبد العزيز بنزاكور).

عين الملك محمد السادس كذلك، بحكم الدستور، خمس شخصيات مشهود لها بالكفاءة والتجرد والنزاهة، والعطاء المتميز في سبيل استقلال القضاء وسيادة القانون، من بينهم عضو يقترحه المجلس العلمي الأعلى؛ وهم السادة: ( أحمد الخمليشي، أحمد الغزالي، محمد الحلوي، محمد أمين بن عبد الله، هند الأيوبي الإدريسي).

كما يدخل في تمثيلية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالانتخاب، أربعة أعضاء يمثلون قضاة محاكم الاستئناف؛ السادة: (حسن أطلس، وحسن جابر، وياسين مخلي، وماجدة الداودي)

وستة أعضاء يمثلون محاكم أول درجة؛ السادة: (عادل نظام، ومحمد جلال الموساوي، وفيصل شوقي، وعبد الكريم الأعزاني، وحجيبة البخاري، وعائشة الناصري).

اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية

يعتبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، ومؤسسة دستورية خول لها المشرع تدبير شؤون القضاة والسهر على توفير الضمانات الممنوحة لهــم في إطار القانون تكريسا منه لمبدأ استقلال القضاء ولتحقيق عدالة فعالة ونزيهة.

يضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية التقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، كما يصدر التوصيات الملائمة بشأنها، ناهيك عن إصداره للآراء التي تُطلب منه من لدن الملك والحكومة والبرلمان بخصوص كل ما يتعلق بالعدالة (الفصل 113 من الدستور).

لكن استقلالية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والاختصاصات الواسعة التي أوكلت إليه بفعل مقتضيات الدستور، والقانون التنظيمي 13-100، قُيِّدت في الأمور الفردية كما نص على ذلك الفصل 114 من الدستور، حينما أكد على كون اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الأمور الفردية، قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية إدارية.

ويمكن أجمال معظم اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الأمور التالية: ترقية القضاة من درجة إلى درجة أعلى، ومن رتبة إلى رتبة أعلى؛ وتعيين الملحقين القضائيين في السلك القضائي بعد تخرجهم من المعهد العالي للقضاء؛ وتعيين المحامين وأساتذة الحقوق والموظفين مباشرة في السلك القضائي؛ وتعيين المسؤولين القضائيين؛ والبث في المتابعات التأديبية، والاستقالة من السلك القضائي، وفي طلبات الانتقال وفي قرارات الانتداب.. يعقد المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يتوفر على الاستقلال المالي والإداري، دورتين في السنة على الأقل.

البيضاوي

شارك المقال شارك غرد إرسال