في وقت يعتقد فيه المغاربة كلهم، أنهم أول شعوب الأرض استهلاكا للشاي، جاء تقرير لدراسة بريطانية ليفند هذا الاعتقاد، بأننا خامس شعوب الأرض تناولا للشاي.
استهلاك المغرب للشاي ليس استهلاكا عاديا، أو هو من قبيل الوجبات التكميلية، بحسب ما يعتقد البعض؛ وربما واضعوا التقرير كذلك، بل هو ثقافة متجذرة في المعيش اليومي للمغاربة، لدرجة أن تناول أمور العائلة، أو حل مشاكل الأسرة أو الدُّوار أو القبيلة أو المؤسسة… لن يتأتى إلا بتواجد “الصِّينية والبرَّاد ومستلزمات الحَبَّة والبَارُود مَنْ دارْ القَايَدْ” وهو ما تعارف عليه المغاربة في مِخْيالِهم الشعبي.
ذات المِخْيَال، هو نفسه الذي ساق لنا مقولة: “كُبْ وْ كَسَّرْ حَتَّى يُوفَى لَعْمَرْ”، وهو ما يعني ارتباط الطبقات المغربية المتدنية مع الشاي باعتباره “فكَّاك لُوحَايل”، في وقت الجفاف والأزمات المادية ولمَّا يُبَاغِثهم الضيوف ليلا بوفد كثير العدد..، فطالما لجأت إليه الأسر الفقيرة لسد رمق صغارها، والتغلب على جوعهم.
طقوس التحلُّق على تحضير الشاي، تختلف من منطقة إلى أخرى، لكن في المحصلة فالكل يهوى ويعشق الشاي، فكل مغربي ـ على الأقل أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة ـ إلا وفُطِمَ على هذه المادة الحيوية كما يقال باللهجة الدارجة المغربية.
عودةً إلى التقرير البريطاني، أعتقد قد جانبه الصواب، أو استقى معلومات قليلة لم تجعله يغوص، في حقيقة حب خرافي يربط المغربي بـ “البراد” و “الصينية” و “الكيسان” و “القالب ديال السكر” “والنعناع والشيبة” وأنواع الشاي الأخضر منذ أتاي “الكُتبية وصومعة حسان..”…، لأجزم في المحصلة، وكما أن المغرب أول مستوردي الشاي من دولة الصين، فهو في نفس المكانة أول بلد عاشق للشاي.
جدير بالذكر، فقد صنف ذات التقرير الأتراك في المركز الأول متبوعين بالإيرلنديين، والبريطانيين في المركز الثالث، والروس في المقام الرابع والمغاربة في المركز الخامس.
البيضاوي