لم أجد من وصف لمتناولي القرقوبي وحبوب الهلوسة غير العبودية والرق، فكيف بمن يبيعها للناس نهارا جهارا، دون حسيب أو رقيب، تلك الظاهرة التي باتت تستفحل يوما بعد يوم، كقنابل موقوتة تهدد في كل وقت وحين سلامة المواطنين؛ بما فيهم آباء وأمهات متناولي مسببات العبودية.
شهدت بداية هذا الأسبوع، جريمة أخرى لعبيد القرقوبي، حيث أجهز شاب لم يتجاوز الـ 25 سنة، على صديقه الوفي والحميم، ذي الـ 23 سنة، بالحي الذي كانا يسكناه؛ غير أن كل هذه الاعتبارات لم تشفع للمجني عليه لتفادي طعنه من قبل الجاني عبد حبوب الهلوسة.
تناول عبد القرقوبي، الذي في نفس الوقت، أحد بائعيه بالتقسيط، كمية من سيده القرقوبي، جعله مخلوقا من كواكب أخرى، أو كائنا فضائيا من عوالم ثانية، مُسحت من عقله كل الاعتبارات الإنسانية؛ حتى استحال الحيوان أرحم منه في تعامله مع فريسته.
عيناه يتطاير منها الشرر، غائب بعقله، حاضر ببدنه، ما أن دخل معه صديقه في نقاش عابر، حتى اعتقدَ العالمَ كله ضده، وأن سفير عالم الشر صديقه، جاء ليستأصل شأفته، فاستل سكينا من تحت ثيابه، أفرغ عبره كل دفائنه المرضية بقلبه ونفسه متحاملا على البلاد والعباد وعلى واقعه وفقره وباختصار شديد على القدر والعالم.
حاول سكان الحي أن ينقذوا الشاب الضحية، لكن سُدًى، إذ مع مرور الوقت الذي بدأ ينفذ، دخل الشاب في غيبوبة وبدأ في مرحلة الاحتضار. حضور الأمن ورجال الوقاية المدنية لم يقدم أو يؤخر فالطعنة كانت طعنة حَقُودة وغائرة، فما أن نُقل إلى مستشفى المنصور بالبرنوصي حتى لفظ أنفاسه أمام الباب، لينضاف إلى قائمة ضحايا عبيد القرقوبي.
بعد فر وكر، اهتدت الشرطة إلى مكان العبد، فاقتادته إلى “لَبْنَيْقَة” للتحقيق معه، وبطبيعة الحال بتعليمات من النيابة العامة، وضع تحت تدبير الحراسة النظرية، لترجع “سْخُونيِة الرَّاسْ بْرُودَة” ويندم حيث لا ينفع الندم.
ومع أننا أذكى قوم على مستوى التبريرات، ولما شُرع في التحقيق معه تمهيديا، أفضى وأسر أنه كان تحت تأثير الكميات الكبيرة التي تناولها من القرقوبي، معترفا بفعلته وجريمته النكراء؛ فمتى يحصل شبابنا على صك حريته من سيدهم القرقوبي؟
البيضاوي