ديربي الوداد والرجاء.. الحرب الضروس والعدو الشَّبَح

بعد أن تقرر حسب منظمي “ديربي” الرجاء والوداد الـ 122، إجراءه يوم الأحد القادم، افتتحت شبابيك بيع التذاكر منذ يوم أمس الخميس لتنتهي يوم السبت 22 أبريل الجاري.

ومع كل ديربي، تعيش الدار البيضاء، على وقع الفاجعة، الكل يترقب، والكل في خوف متسمر أن يسفر اللقاء عن نزاع أو اقتتال أو خسائر في الأرواح والممتلكات، وكأن الرياضة تحولت من أهدافها النبيلة للتنافس الشريف إلى ساحات للحرب يقتتل عبر مبارياتها المتنافسون.

لتأمين المواجهة بين الغريمين التقليديين الرجاء والوداد “البيضاويين”، تشهد المصالح الأمنية نفسها حالة من الترقب والاستنفار، وكأن العدو بيننا، يتعايش معنا؛ ضمير دبرت سقطاته بليل، أطفال بالكاد تجاوزوا عقدهم الأول بسنة أو ثلاث، أطفال في مقتبل العمر، لن يشفع لهم حبهم لفريقهم ترويع الناس والسكان المجاورن لـ “دونور” أو مشجعو الفرق المنافسة أو محبي المستديرة أو أصحاب الضمائر الحية…

من زاوية “دْوِيوْا عْلِينَا أجِيوْا عْلِينَا”، أصبحت واقعة الرجاء والوداد، مشهدا رياضيا غير مرغوب فيه، إن كان سيتسبب في الوقيعة والتعصب الأعمى والشغب الذي لا يبقي ولا يذر. وإلا كيف تشفع تصرفات هجينة لأطفال ومراهقين، في مشاهد مقززة تصيب الرياضة الوطنية والبُنى التحتية الرياضية والاجتماعية والمرافق العمومية في مقتل، وكأننا في زمن “السيبة”، وهو مايفسر تجنيد المصالح الأمنية لـ 6 آلاف رجل أمن لتغطية الديربي.

أن يحب المرء فريقه لا ضير في ذلك، أو يحب أن يدافع عن الأخير بشتى الوسائل الحضارية والسلمية، لا إشكال في ذلك، أو أن يختار التعبير عن حبه لفريقه داخل المدرجات، حرية تعبير لا أحد ينازع أي مواطن في ذلك، لكن أن تنال حريتك من حرية الآخرين، أو تعيش المدينة رعبا تراجيديا كل أحد، فذلك ما تعافه الفطرة السليمة وقيم الرياضة النبيلة.

لا أعرف لماذا لا تستفيد جماهيرنا وهي تتابع مباريات الفرق الأوروبية، على غرار تمتعها بالمقابلات الكروية الراقية، أن تتمتع بما تسديه تلك الجماهير من دروس مجانية لشعوبنا، كيف هم متحضرون، كيف يرافق الأب أباه وابنته وأخته وزوجته، ليتابعوا فريقهم المفضل، وفي حالة الهزيمة، جوابهم الخالد، أن ذلك لن يفسد للحب قضية.

كيف نستمتع بمقابلات كرة القدم ومنافسات عصبة الأبطال الأوروبية، وكاس العالم، وبطولات الاتحادات الأوروبية، ولم نستفد من دروس الجمهور، قد يقول قائل أن الجماهير الأوروبية نفسها تمارس الشغب، لأقول أن شغبهم لا يكون إلا في مناسبات قليلة جدا، إذا قارناه بشغبنا؛ أن شغبهم يكون بين بعض الأفراد فقط، وليس إطلاق القذائف في كل الاتجاهاتـ على كل ما ومن يتحرك كالشغب الذي ابتلينا به، لا يسلم من شغب ملاعبنا العجائز والأطفال والنساء والحافلات والمؤسسات… والقائمة طويلة؛ وكأني بها حرب ضروس والعدو فيها شبح.

البيضاوي

شارك المقال شارك غرد إرسال