في ظرف قياسي تمكنت فرقة الشرطة القضائية بتمارة، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من فك لغز جريمة القتل التي تعرض لها الزميل الصحفي حسن السحيمي مصور وكالة المغرب العربي للأنباء.
لم يكن يدور بخلد الصحفي حسن السحيمي رحمه الله، أن استضافته لصديق له، قادم من مكناس رفقة شخص أخر، ستكون لها تداعيات وخيمة على وجوده على قيد الحياة، كما أنه لم يكن يظن أن من تكبد العناء من أجل إطعامه “العشاء”، وحسن ضيافته، سيتحول إلى وحش كاسر لا يرحم سيقضي عليه، كما لم يكن يظن أن مهنة المتاعب والسهر والأرق والعطاء ستكون السبب وتنتهي به جثة هامدة في قبره.
ففي أقل من 24 ساعة، ستهتدي المصالح الأمنية المغربية، وهذا ليس عنها بغريب، في اقتفاء الآثار العلمية للجريمة، لمَّا انتهى إلى علمها مقتل السحيمي، إذ لا وجود للجريمة التامة، إلا وُجودها في خيال الجاني المريض.
شكلت الضائقة المالية التي يعانيها المشتبه فيه، وقودا عجل بمقتل الصحفي، حيث ظن الصديق المكناسي أن السحيمي راكم الثروات من مهنة المتاعب، فاستقدم معه شخصا آخر ليساعده في الإجهاز السريع على الضحية؛ ظانَّين أنهما في منأى عن الفضيحة مقياسا لقول المغاربة المأثور: “الرُّوحْ عْزِيزَة عَنْدْ الله”.
لكن هيهات هيهات، وقد سبق السيف العزل، كما يقال، ألم يكن حريا بالجناة التريث، ألم يكن حريا بالقتلة التحري قبل قتل إنسان؛ الذي مع قتله سيجهز على آماله وأمانيه وأحلامه، لم يكن له من ذنب سوى انه استضاف من اعتقد أنهم أصدقاء لكنهم تحولوا إلى وحوش كاسرة عجلت بتوقيع شهادة وفاته وسرقته.
أكد بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، في وقت سابق أن مصالحها أوقفت خمسة أشخاص، من بينهم شخصان متورطان بشكل مباشر في اقتراف هذه الجريمة النكراء، ينحدران من مدينتي مكناس وسيدي قاسم، بعدما تم تشخيص هويتهما انطلاقا من تحليل ومطابقة الآثار والأدلة البيولوجية والمادية المرفوعة من مسرح الجريمة؛ بمنزله بمدينة تمارة.
“سْخُونِيَّة الرَّاسْ تَرْجَعْ بَالبْرُودَة”، ذلك أن المشتبه بهم، يواجهون تهما ثقيلة، من قبيل القتل العمد المقرون بجريمة السرقة مع سبق الإصرار والترصد، لأضيف إليها تهمة غالبا ما نغفل عنها، تهمة قتل الناس جميعا؛ ذلك أن من قتل السحيمي ومرداس… وآخرون، “كمن قتل الناس جميعا، ومن أحياها كمن أحيا الناس جميعا”. ففي لحظة تهور وجهل وضعوا حدا لحريتهم، ووضعوا حدا لحياة الزميل الصحفي الذي لم يكن له من ذنب سوى أنه اتهم بجمع الثروات من مهنة المتاعب.
وفي ختام الفيلم الذي يحمل عنوان: ” مهنة المتاعب التي قتلتني”، كما هي خاتمة كل أفلام الجهل، مع الفرق في أسباب النزول وشخوص وأبطال الفيلم، يُحتفظ بالفاعلين الأصليين وثلاثة مشتبه فيهم آخرين، تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة.
البيضاوي