كان الهدوء يعم حي بني مكادة بطنجة، لا شيء يَمُت بأن المكان سيكون مسرحا للصراع وحربا ستُزهَق الروح بها مُخلِّفة خسائر في ممتلكات الغير وجرحى في صفوف رجال الأمن والمواطنين، والفاعل مشتبه فيه قد فارق الحياة.
كان سائق “الطاكسي”، يُمني النفس بـ “رُوسِيتَة” تُنسيه أول الشهر حينما سيهم بتقديم الحساب لصاحب “الكريمة”، لكن الأمر انقلب إلى ما لا تحمد عقباه، إذ صادفه أثناء تأديته لعمله، رجل “طلْعَاتْ الدنْيا فْرَسُو”، فحمل سيفا بتارا وآخذ يلوح به يمينا ويسارا، وكأنه فارس بملحمة “الزلاقة أو وادي المخازن أو أنوال..”، فأصاب القوم وممتلكاتهم.
لم يكن من بُدٍّ أمام القوم، سوى الاستغاثة برجال الأمن، لعلهم يجدون حلا، أو يقتادوا المشتبه فيه إلى القضاء للاستفسار عن جنوحه، أو أو . وبالفعل حضر رجال الأمن، غير أن حضورهم لم يعن أي شيئ للمشتبه فيه، الذي ثارت ثائرته، وحينما ظن “حُماة القانون” استحالة أن يكونوا في مرمى سيفه وشرارة الشر الذي يتطاير بين عينيه، جاءهم رده سريعا فأخذ يلوح بسيفه، وهذه المرة ضد رجال الأمن ظانا نفسه “زُورُو”، مخلفا جرحى جراحهم بليغة في صفوف رجال الأمن.
لإنقاذ الموقف، لم يكن لمفتش الشرطة الممتاز، من حل سوى أن يطلق عيارا ناريا، اتجاه ساق المشتبه فيه، عَلَّهُ يشُلُّ حركته، ويريح باقي زملائهم من تنامي الخسائر البشرية، وفي أن يصابوا أنفسهم بسيفه البتار.
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، وحُمل المشتبه فيه، ورَجُلي أمن مُصابَين إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية، أحدهما إصابته بليغة، بدأ المواطنون يُحصون الخسائر، وأمام أعينهم تأكد لهم بالملموس، أن الأمن بدوره ليس في منأى عن الإصابة والتضحية بالروح في سبيل استقرار القوم.
ما أن وصل الجرحى إلى المستشفى، والكل يَئِنُّ من وراء شراسة الحرب الضروس التي لا تبقي ولا تذر، حتى سلم المشتبه فيه الروح إلى بارئها، وقد حكم عليها بالموت مع سبق الإصرار والترصد، وعلى رجلي الأمن بالجرح البليغ والاعتداء على ممتلكات الغير.
لِتُقَيَّدَ القضية في الختام ضد مشتبه فيه قتيل، وصراع حرب قوامها الجهل والتخلف والتي تقام أوزارها لأتفه الأسباب، لا لشيء سوى لأن “الزَّيْغَة” تُعمي الأبصار وتضيف القتلى والجرحى إلى طابور القتلى والجرحى بالمغرب كما حرب الطرق.
البيضاوي